- ٨ -

من طبيعة مجري الأمور يتضح أن البرهان علي مقام المسيح وذاته يجب إستنتاجه مما قاله عن نفسه ومن تعاليم الأنبياء والرسل عنه. ففي الباب الأول من هذا الكتاب إيضاح تام لمعنى ( ألوهيته) من الكتاب المقدس ولكن قبل الخوض فى ذلك يجب أن نذكر بعض الصعوبات التى ربما يقع الإنسان فيها فيصعب عليه فهمها.وهنا أوجه أنظارحضرات القراء إلىبعض التعاليم التى نراها في كتبهم حتى تمكنهم من فهم ما سنجىء به من الكتاب المقدس.

ولا ضرورة لأن نذكرأن فى إشارتنا إلى كتب المسلمين لا نقصد استعمالها كبرهان على حقيقة التعاليم التى نتعلمها من الكتاب المقدس لأننا إذا عملنا ذلك نكون قد خالفنا قواعد المنطق ولكننا نستعملها كى نبرهن لهم من كتبهم أن ما نؤمن به ليس بكذب وبهتان كما يدعى الكثيرون من أعداء المسيحية.

ومن المعلوم أن القرآن لا يشهد فقط بعظمة يسوع ومقامه ولكنه يلقبه أيضاً بألقاب أعظم من ألقاب بقية الأنبياء والرسل وذلك يراه المطلع بإمعان ظاهراً واضحاً عند قراءة الآيات القرآنية التى تختص بالمسيح وإتفقت على ذلك أحاديث كثيره أيضاً ولكننا الآن نكتفى بآيتين ذكرهما القرآن الأولى فى سورة الأنبياء آيه 91 إذ يقول عن

- ٩ -

أم يسوع ربنا الذى سماها مريم إبنة عمران ( والتى أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا ) والآية الثانية فى سورة النساء 169 (إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه ) يلاحظ قوله منه ولم يقل من عنده معناه أنه من ذاته ليس من عنده فقط وهذا يوافق ما جاء فى الإنجيل تمام الموافقه راجع ( يوحنا 8 : 42 و 15 : 26 ).

فمن شهادة هاتين الآيتين القرآنيتين يرى إخواننا المسلمون أن القرآن يعلمهم أن المسيح لم يحبل به كغيره من البشر ولكن بالعكس أنه ولد من العذراء مريم بدون أب بل بقوة الله وبروح منه.

ونلاحظ أيضاً أن القرآن يقول أن المسيح هو نفسه كلمة الله وروح منه. ولم يذكر القرآن قط ألقاباً كهذه لأحد غير يسوع فهو يشهد بصريح العبارة أن المسيح يفوق عظمةً عن جميع الأنبياء وبالتالى عن جميع أهل العالم. ونعلم نحن المسيحيون من الأناجيل أن ذلك من الحقائق التى لا تـُدحر فإنجيل متى وإنجيل لوقا يعلماننا أن المسيح ولد بقوة الروح القدس من مريم العذراء بدون أب بشرى [ إقرأ إنجيل متى الأصحاح الأول العدد (18 – 25) وإنجيل لوقا الأصحاح الأول العدد(26- 35)]س وفى إنجيل يوحنا الأصحاح الأول العدد (1 - 4) يقول: