يستطيع
رجل أن ينكر أن نور عقل الإنسان ما هو إلا ظلام دامس حينما
يقاس بالنور الذى لا يقترب منه الساكن فيه إله النور القدوس.
إن الإنسان بعقله لا يمكنه أن يعلل الظلام الحائم حول
وجوده ولا يمكنه أن يوضح سر ذاته ولا يقدر أن يفهم أسرار
قلب غيره.
إذا حملق إنسان فى الشمس أظلمت عيناه
وهكذا إذا خُـيّل للإنسان أن يدرك بمسبار عقله سر الذات
المقدسة الشمس الروحية الحقيقية كانت النتيجة أن يرى أمامه
ظلاماً أقتم، فإن الشمس والقمر والنجوم فى كل أنوارها
ما هى إلا نقطة ماء فى أوقيانوس إذا قيست بشمس البر وذرة
من مقدار عظمته. ولقد سئل أحد العلماء قديماً ( ما هو
الله ) فأجاب معترفاً ( أنه كلما أكثر فى البحث عن هذا
السؤال كلما بعد عن الجواب ).
وهكذا كل عالم فى زماننا إذا اتكل على
قوة ذاكرته فى إدراك الله لا يسعه إلا أن يقول كما قال
ذلك العالم من قديم الزمان.
ونستنتج مما تقدم أنه لو لم يعلن الله
لنا ذاته فى كتابه لما أمكننا أن نستدل على الحقيقة بشىء
ومع وجود هذه التعاليم الصريحة المختصة به تعالى نرى أن
الإنسان لم يزل عاجزاً عن إضافة شىء على ما أجىء به من
الله. بل أن مجموع ما قاله العلماء وما سيقولونه عن الذات
الإلهية
|