- ٥٨ -

بوضوح شخصيته ولا يشير بظهور عن المحبة التى وجدت منذ الأزل فى أقانيم الوحدة الإلهية ولذا كان المسيح ورسله محقين فى تفضيلهم لقب ابن الله عن غيره من الألقاب ويجب ألا نظن أنهم استعملوا ذلك اللقب فى معناه الغير الحقيقى بقصد التعظيم والمغالاة. فعلاقة المسيح بأبيه السماوى هى علاقة حقيقية أعظم من علاقة الإنسان لأبيه الأرضى لأن الله الأعلى سرمدى أزلى وهو أعظم من الإنسان الترابى الفانى. وبما أن وجود الله هو سبب وجودنا كما أن حكمته وقوته هما المصدر الذى نستمد منه حكمتنا وقوتنا فالأبوة الأرضية ما هى إلا ظل للأبوة السماوية والبنوة الأرضية ما هى إلا شعاع ضعيف أمام بنوة يسوع المسيح السماوية التى لا هى وقتية زائلة ولا هيولية فانية لأن الأمور الوقتية الهيولية فى علاقة الآب للإبن ما هى إلا عرضية لا مطلقة. فيجب أن تمحى كل هذه الأفكار والتصورات عندما نتأمل فى موضوع الذات الإلهية فهو الواحد الأبدى الغير متغير المنزه والغير محدود بزمان أو مكان.

إن المسيح يسوع لم يدع فقط ابن الله ولكنه دعى أيضاً ابن الله الوحيد لإظهار ما تفرد به عن باقى المخلوقات من المقام السامى والذات

- ٥٩ -

الإلهية وأن لا أحد معادل له من بنى البشر ( إقرأ يوحنا 1 : 12 وغلاطية 3 : 26 ورومية 8 : 14 – 17 ).

إن كثيرين يصيرون أولاد الله بالتبنى بواسطة الإيمان بوحيد الله الرب يسوع وبالولادة الروحية الجديدة بواسطة الروح القدس ( إقرأ يوحنا 3 : 3 و5 ) ولكن ذلك لا يجعلهم معادلين للمسيح الذى كان منذ الأزل ابن الله وكلمته ( إقرأ يوحنا 1 : 1 و2 ) وكما أن الإبن الأرضى لا يخلقه أبوه بل يتخذ من أبيه طبيعته الإنسانية فهكذا أيضاً ابن الله الأزلى لم يخلقه الله ولكنه أخذ من أبيه ذاته وصفاته الإلهية ولهذا السبب ندعو المسيح إلهاً وقد أعطى له هذا اللقب فى العهدين القديم والجديد وهو يعلمنا بنفسه أنه وأبوه واحد " وأنه فى الآب والآب فيه " ( يوحنا 14 : 10 ومرقس 12 : 29 ) وقد بينا ذلك صريحاً فى ما ذكرناه من الآيات المختصة بهذا الأمر فى الفصل الأول - والآن نأتى بشهادة الرسل التى وردت فى رسلئلهم إثباتاً لألوهية المسيح ولو أردنا أن نذكر ذلك تفصيلاً لكنا ننسخ العهد الجديد برمته تقريباً ولكننا نكتفى بذكر آيات قلائل لإظهار أدلتهم الصريحة التى توافق على خط مستقيم ما قاله المسيح عن نفسه.

(1) إن رسل المسيح ( الحواريين ) ينسبون إليه صفات إلهية