- ٨٤ -

بنى البشر. وكلتا هاتين المسألتين الهامتين اللتين هما خلق العالم وتجسد كلمة الله الإلهية هما من المعضلات العويصة الفهم فى ذات الله الغير المدركة ولذا كان فوق عقل الإنسان المحدود أن يدركها تماماً فعلى كل عاقل تقى أن يتحد مع صاحب المزامير مسبحاً الله العلى العظيم بقوله: " إلى دهر الدهور سنوك. من قدم أسست الأرض والسماوات هى عمل يديك هى تبيد وأنت تبقى وكلها كثوب تبلى كرداء تغيرهن فتتغير وأنت هو وسنوك لن تنتهى " ( مزمور 102 : 24 – 27 ) إن أشعة الشمس تصل وتؤثر فى كل ما على الأرض ولكن اتصالها مع هذه الأشياء لا يغير أبداً فى طبيعتها أيتجاسر أحد إذاً أن يحد حكمة الله وقوته ومحبته وحنوه ويقول (يستحيل أن أؤمن بتجسد كلمة الله فى المسيح لأن عقلى لا يقبل تعاليم كهذه لكونها محقرة لله تعالى بأنها تظهر أنه يتغير وهو الغير متغير ) أقول أنه يحسن بك أولاً أن تصير إنساناً عاقلاً تقياً باحثاً عما علمه لنا بواسطة أنبيائه ورسله فيما يختص بهذا الموضوع الهام ثم بعد ذلك يمكنك أن تقبل هذه التعاليم تعاليم الله إله الحق - إن حكمة الله وقوته وحسناته لا تقصى ولا تستقصى فهى غير محدودة ولكن الإدراك البشرى صغير محدود وكما أن الفنجان الصغير لا يمكن أن يسع ما فى الأوقيانوس الواسع هكذا لا يمكن

- ٨٥ -

لعقل الإنسان أن يدرك أعمال وأفكار الله العظيمة الغير محدودة.

وسنوضح بمشيئة الله فى الفصل الأخير من الباب الثانى أن إعلان الذات الإلهية فى المسيح يسوع ربنا هى جامعة لرحمة الله وعدله ومحبته وقداسته والآن لنذكر شهادة العهد القديم لألوهية المسيح حتى نرى هل تتفق أقوال الأنبياء فى العهد القديم مع ما علمه كلمة الله نفسه وما علمه الرسل أيضاً فى ما يختص بهذا الموضوع.

الفصل الثالث

شهادة العهد القديم
بألوهية مسيا المنتظر أى الرب يسوع المسيح

إن أهم غرض لوحى الله المدون فى سفر العهد القديم هو أن يهيئ الطريق لمجىء الرب يسوع المسيح فالعهد القديم شاهد عدل للمسيح مشحون بالنبوات التى تعلن زمان ومكان ظهوره وخلاصه الذى كان مزمعاً أن يقدمه للبشر وبه تفصيلات كثيرة عن آلامه وموته وقيامته(1) وذلك لكى يتسنى للباحثين عن الحق معرفته وخدمته


(1) أنظر كتاب ميزان الحق الباب الثانى الفصل الرابع. (تطلب الطبعة الجديدة من إدارة مطبعتنا)