- ١٠٦ -

قد أعمت قلوبهم وكل ما كانوا يطلبونه أن تكون لهم مملكة دنيوية وأن يكون لهم مسيا يقودهم إلى النصر ويخضع لهم الممالك المجاورة ويسلبها الغنائم ولم يفهموا تعاليم العهد القديم الروحية المختصة بمسيا المنتظر لذلك لم يقتربوا إلى المسيح حينما قادهم إلى طريق الخلاص من الخطية والشيطان - إن العالم أعمى قلوبهم فأرادوا مخلصاً لينقذهم من الملوك الأرضيين ولكن سيأتى يوم كما هو مكتوب يجىء فيه المسيح بقوة ومجد عظيم ويقبله اليهود مخلصاً لهم اقرأ ( رومية 11 : 25- 32 و2 كورنثوس 3 : 13 – 16 ، رؤيا 1 : 7 ) وقد ظهرت علامات كثيرة لمجىء يسوع المسيح السريع هذا وهذه العلامات لا تخفى إلا على كل من هو أعمى بالروح.

وفى ختام هذا الفصل يجب أن نبيّن أن ابراهيم عند شفاعته عن أهل سدوم وعمورة لقب الله " بديّان كل الأرض " ( تكوين 18 : 25 ) وقد قال المسيح أنه يدين العالم بنفسه فى اليوم الأخير قال فى ( يوحنا 5 : 22 و27 ) " لأن الآب لا يدين أحداً بل قد أعطى كل الدينونة للابن . . وأعطاه سلطاناً أن يدين أيضاً لأنه ابن الإنسان " وهذا برهان آخر على أن الله الذى أعلن نفسه لإبراهيم هو كلمة الله وقد دعى باسم

- ١٠٧ -

الله الذى لا يشركه فيه أحد. وقد أثبت المسيح ذلك فى قوله " الحق الحق أقول لكم قبل أن يكون ابراهيم أنا كائن ".

إنه ظاهر فى العهد القديم أن الله لما أعلن نفسه لآدم أب البشر ولنوح ولإبراهيم واسحق ويعقوب ولموسى وللأنبياء الآخرين كان المتكلم الإلهى أزلياً وهو كلمة الله الذى ظهر فى هيئة ملك أو إنسان وفى ملء الزمن " صار جسداً وحل بيننا " ثم تجسد فى المسيح يسوع ربنا وبواسطة ذلك الذى هو مظهر الله الحق كلم الله سبحانه وتعالى خلقه.

والآن قد تبين مما ذكرناه من آيات العهد القديم والعهد الجديد أن الكتاب المقدس يعلمنا تعليماً صريحاً عن ألوهية كلمة الله أو بالحرى الرب يسوع المسيح ونؤمل أن جميع القراء الكرام يدرسون هذه الحقيقة بإمعان كما جاءت فى الكتاب المقدس ولنا ملء الثقة أن من يفتش عن الحق بكل جوارحه لابد أن يجده فى المسيح وليس فى سواه نعم قد يعمى التعصب بصيرة الإنسان ويضله عن تعليم الكتاب المقدس ولكن الله برحمته الغير محدودة مستعد أن يرفع هذا الحجاب الكثيف عن عينىّ كل من يصلى إليه بإخلاص وسلامة النية طالباً الإرشاد منه.

ولكى تكون تعاليم ألوهية المسيح أكثر وضوحاً نتكلم بمشيئة الله ومساعدته فى الباب الثانى عن تعليم الثالوث الأقدس فى الوحدة الإلهية