- ١٠٨ -

الباب الثانى

فى حقيقة وإثبات تعليم الثالوث الأقدس فى الوحدة الإلهية

ينقسم هذا الباب إلى ثلاثة فصول فالفصل الأول يثبت تعليم الثالوث الأقدس بما جاء فى آيات الكتاب المقدس ويذكر الفصل الثانى شيئاً عن هذا السر الإلهى ويبين الفصل الثالث كيف أن معرفة الله وخلاص الإنسان متفقان مع هذا التعليم(1)

الفصل الأول

إثبات تعليم الثالوث الأقدس بما جاء فى آيات العهدين القديم والجديد

قبل أن نبدأ بهذا الفصل يجب على حضرات القراء المحترمين أن يفهموا كل الفهم أن الإيمان بالوحدة الإلهية هو أساس المسيحية وإن كنا قد بينا ذلك قبلاً ولكننا نذكره ثانياً لنلفت إليه أنظار إخواننا المسلمين الذين دائماً وأبداً ينسون هذه الحقيقة المهمة بل ويسيئون


(1) أنظر أيضاً كتابنا " ميزان الحق " الباب الثانى الفصل الخامس ويطلب من إدارة المطبعة.

- ١٠٩ -

فهمها أيضاً. إننا معشر المسيحيين نؤمن كما يؤمن المسلمون بإله واحد قادر على كل شىء خالق السموات والأرض وجميع ما يرى وما لا يرى ونؤمن بذلك يقيناً لأن العهدين القديم والجديد يعلمانا إياه صريحاً ولنذكر هنا بعض الآيات إثباتاً لذلك.

إن ناموس موسى يعلمنا وحدة الله فى قوله " اسمع يا اسرائيل الرب الهنا رب واحد " ( تثنية 6 : 4 ) وقال الله فى نبوة ( إشعياء 45 : 5 ) " أنا الرب وليس آخر لا إله سواى " ( اقرأ عدد 14 و18 و21 و22 وأصحاح 42 : 8 ) وقد ذكر المسيح الآية الأولى فى إنجيل ( مرقس 12 : 29 و30 ) عندما سألوه قائلين " أية وصية هى أول الكل " فأجاب المسيح قائلاً " إن أول كل الوصايا هى اسمع يا اسرائيل الرب الهنا رب واحد وتحب الرب إلهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك ومن كل قدرتك " ومكتوب فى العهد الجديد أيضاً " نعلم أن ليس إله آخر إلا واحداً " ( كورنثوس الأولى 8 : 4 ) وفى ( أفسس 4 : 6 ) يقول " إله وآب واحد للكل الذى على الكل وبالكل وفى كلكم " هذا قليل من كثير من الآيات التى تظهر أن لا أساس ولا صحة فى دعوى الشرك التى يرموننا بها وفى اعتقادهم أننا مشركون افتراء محض ناشئ عن عدم معرفة الكتاب المقدس وإننا نصرح على رؤوس الملأ أن الإنسان