- ١١٠ -

لا يمكن أن يكون مسيحياً ما لم يؤمن أن الله واحد لا إله سواه.

إن ما بيناه الآن هو تعليم الكتاب المقدس المختصة بذات الله العلية ولكن هذا ليس كل التعليم الذى أرسله الله لبنى البشر عن يد أنبيائه ورسله ولا يمكن للمؤمن الحقيقى أن يقبل جزءاً من التعليم دون باقيه ومن فعل ذلك فهو فى ضلال مبين وليس من عبيد الله الأمناء - إن الله كما أنه أعلن لنا وحدته فى الكتاب المقدس أعلن لنا أيضاً ذاته المقدسة فى نفس الكتاب فى ثلاثة أقانيم وسمى لنا هذه الثلاثة أقانيم – الآب والإبن والروح القدس. والكتاب المقدس أطلق اسم " الله " على الثالوث الأقدس فقال أن " الله روح " ومعنى ذلك أن الله روح مطلق وكذلك قوله " الله محبة " ( يوحنا 4 : 24 ، 1 يوحنا 4 : 8 و16 ) ولكنه أعطى أحد الأقانيم اسم " الآب " كما قال يسوع " الآب يحب الإبن " ( يوحنا 3 : 35 ) وقوله " الآب الذى أرسلنى " ( يوحنا 5 : 30 ) وأعطى أقنوماً آخر اسم " الإبن " أو " ابن الله " وهذا اللقب أُعطى لكلمة الله ومعنى هذا أنه الحكمة الأبدية التى أعلن الله بواسطتها ذاته الأبدية الغير منظورة ويقول العهد الجديد فى ( العبرانيين 1 : 3 ) عن الإبن " وهو بهاء مجده ورسم جوهره " لذا فيمكننا أن نقول أنه هو تجلى الذات الإلهية أو المظهر الإلهى أو المعلن الآب. أما الروح القدس فليس هو

- ١١١ -

الملاك جبرائيل أو أى مخلوق آخر كما يتوهم إخواننا المسلمون وإنما هو ذلك الروح الذى ينير ويقوى ضمائر وأرواح البشر وبواسطته يؤثر الله سبحانه وتعالى على الإنسان لعمل الخير وينقى ويطهر قلوب وحياة عبيده الأمناء. فالمسيحيون يعتبرون الله خالق جميع المخلوقات ومانح الحسنات والبركات ويعبدونه ويؤمنون أن الآب يمنح كل نعمة وكل حسنة بواسطة ابنه الوحيد كما يعلمنا الكتاب فالله لم يخلق العالم بواسطة ابنه ولم يحفظه ويعتن به فقط بل ويخلص بواسطته عبيده من الخطية والهلاك الأبدى ويعطيهم خلاصاً أبدياً وسعادة حقة فى دار الخلود وبواسطة الروح القدس يغير الله عقولهم ويطهرهم ويقودهم إلى معرفته الحقيقية والإيمان بالرب يسوع المسيح ويقدرهم على عمل الخير وهذا التعليم يسمونه المسيحيون تعليم الثالوث الأقدس.

وإن لم تذكر لفظة الثالوث فى الكتاب المقدس ولكن هذا التعليم واضح بدون أدنى شك ومع أن المسيحيين قد تعلموا بواسطة إعلان الله لشعبه فى الكتاب المقدس أنه يوجد بين الآب والإبن والروح القدس فرقاً فى أعمالهم إنما هذا الفرق هو فى الأعمال الفدائية فقط لأنهم تعلموا أيضاً أن هذه الثلاثة أقانيم ليست بثلاثة ذوات. ولا توجد إلا ذات إلهية واحدة وإله واحد كما أثبتنا ذلك من كلا العهدين