- ١٥٢ -

واحد مع الآب وأيضاً يقبلون تعليم الأنبياء والرسل الذين تكلموا بقوة الروح القدس ويعرفون الله ويحبونه ويعبدونه ويخدمونه وينبذون التعاليم القائلة بوحدة الكائنات وبمذهب اللاأدرية ويكونون بعيدين عن اليأس الذى يعمى قلوب وحياة أولئك الذين يعتقدون فى القضاء والقدر ويثقون بالآب السماوى المعلن فى المسيح يسوع بل وأكثرمن ذلك يتقدمون فى معرفة الله العلى وذاته مسبب الأسباب ويسيرون فى هذه الحياة بصبر وإيمان حتى تنتهى أيام حياتهم القصيرة هنا على الأرض قائلين مع الرسول " لأننا نعلم بعض العلم . . . فإننا ننظر الآن فى مرآة فى لغز لكن حينئذ وجهاً لوجه الآن نعرف بعض المعرفة ولكن حينئذ سأعرف كما عرفت " ( كورنثوس الأولى 13 : 9 و12 ) إن تعليم الثالوث الأقدس فى الوحدة يجعلنا أن نؤمن بتجسد كلمة الله الذى هو واحد مع الآب ولو لم يكن ابن الله قد تجسد لكان الله قد تركنا نحتمل الألام والأحزان والموت كالآلهة التى تكلم عنها أبيكورس الفيلسوف الوثنى نعم وحتى الإسلام مائل إلى ذلك أيضاً كما يظهر من الحديث المنسوب لله فى قوله : " ولا أبالى " أما المسيحيون فلا ييأسون أبداً ما دام الإنجيل الذى يتكلم

- ١٥٣ -

عن سر الثالوث فى الوحدة يظهر لنا محبة الله فى كلمات ابنه التى فاه بها المسيح إذ قال " لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحيوة الأبدية ".

الفصل الثالث

أهمية تعاليم الثالوث الأقدس فى معرفة الله ونوال الخلاص

بعد كل ما ذكرناه فى هذا الكتاب توضيحاً لتعليم الثالوث وإثباته ربما يسأل القارئ الكريم " هل من الضرورى معرفة هذه العقيدة الغامضة وقبولها وهل ينشأ ضرر لو افتكرت فى الله سبحانه وتعالى القادر على كل شىء بأى طريقة كانت مادمت اسلم بوجوده وأعبده عبادة توافق العقل والإدراك ".

أيها الأخ العزيز هل تظن أنه سيان عندك أن تعبد الله بحسب ما هو معلن فى كلامه المقدس أو أن تعبده بحسب تصورك وإدراكك؟ إن ذلك الإنسان الذى يتصور الله كما تصوره له أفكاره لابد وأن يكون عاجزاً عن معرفة الإله الحقيقى. وكل إنسان يصور الله فى مخيلته كما يمليه عقله وأوهامه ألا يعتبر كعابد الأوثان؟ ألا يكون ذلك الإنسان قد ضل عن عبادة الإله الحقيقى؟ يقول المثل السائر بين مسلمى