- ١٥٤ -

مصر " كل ما خطر فى بالك فهو حالك والله بخلاف ذلك " ومعنى ذلك أنه مستحيل على الإنسان أن يفتكر فكراً صحيحاً عن الله وإن الصورة التى يتصورها الإنسان فى مخيلته عن الله ما هى إلا صورة من نفسه وليست بصورة الله أبداً ولو صدق هذا المثل ( وهو الصواب لأن الوثنيين يعبدون آلهة شريرة كأنفسهم ) يتضح أمامنا أن كل إنسان يعبد الله بغير الطريقة التى بينها الله فى كتابه المقدس فهو عابد أوثان. فعلى كل من يرغب فى معرفة الله الحى الحقيقى أن يعبده ويخدمه ويفتكر فيه حسب تعاليمه المختصة بذاته ومشيئته التى أعلنها لنا فى كتابه وإلا فلا نعمة ولا بركة من هذه المعرفة ولا تكون هذه الخدمة غير مقبولة أمام الله ولكن رب سائل يقول " ما الفائدة التى تعود على الإنسان من هذا التعليم " ورداً على ذلك نقول أن الله أعلن فى كتابه المقدس نفسه ووجوده بحسب هذا التعليم وفى هذا كفاية. لأن كل عقل يفتش عن الحق يعرف تمام المعرفة أن الله الحكيم قد أحسن فى كل ما عمل وعلّم وقد أعلن لنا كل ما هو نافع ومفيد وأن كلامه وأعماله هى مظاهر الحكمة السامية العالية. نعم وإن كان الإنسان الواحد لا يقدر أن يدرك هذه الحكمة كلها ولا يمكن لأحد الناس أن يدرك عمق سر الله ولكن من يدرس الكتاب المقدس درساً وافياً ويعرف تعاليمه

- ١٥٥ -

معرفة تامة يتأكد بعد ذلك أن فى هذا التعليم تعليم الثالوث فى الوحدة معرفة الله ونوال الخلاص وإن كان الإيمان لا يكون بالمعرفة إلا أن معرفة ما أعلنه لنا الله ضرورى لإرشادنا إلى هذا الإيمان الصحيح لكى نجعل كل اعتمادنا واتكالنا على المخلص الوحيد معترفين به أنه الطريق والحق والحياة وكل هذا مستحيل ما لم نقبل تعليم الثالوث فى الوحدة ولزيادة إيضاح هذا السؤال نقول.

أولاً - إن فائدة وأهمية معرفة تعليم الثالوث وقبوله ظاهرة مما قد بيناه لأنه بغير ذلك لا يمكن الحصول على معرفة ذات الله التى بواسطتها نجد السلام والخلاص فى بشارة الإنجيل وأن نسير فى طريق الخلاص المعلنه فيه ويتضح ذلك مما قاله المسيح " وليس أحد يعرف الإبن إلا الآب ولا أحد يعرف الآب إلا الإبن ومن أراد الإبن أن يعلن له " ( متى 11 : 27 ) وقال " أنا هو الطريق والحق والحياة ليس أحد يأتى إلى الآب إلا بى " ( يوحنا 14 : 6 ) وقال أيضاً " هذا هو ضد المسيح الذى ينكر الآب والإبن كل من ينكر الإبن ليس له الآب أيضاً ومن يعترف بالإبن فله الآب أيضاً " ( رسالة يوحنا الرسول الأولى 2 : 22 و23 ) وهذا قليل من كثير من آيات العهد الجديد التى لا يفهمها كل من يجهل تعليم الثالوث. وهنا نرى يوحنا الرسول بواسطة إعلان الله يبين أن إنكار