3 – رأي يحيى في المتكلمين ، على ما جاء في ردّه
على المصري
وفي المناقضة التي جرت بين يحيى بن عدي وأحمد بن محمد
المصري68 ، نجد ذكر أبي هاشم الجبّائي ، في
المسألة السادسة عشرة69. فقال المصري :
"والمسلمون بأسرهم ، وغيرهم من المتكلمين ، يزعمون
أن الخالق لا جوهر ولا عرض ، ومن متقدّميهم من يزعم أن
غير الخالق قد يكون لا جوهرا ولا عرضا . فقال الجبائي
وغيره : "إن إرادة الله لا جوهر ولا عرض" .
وزعم الفوطيّ أن أربعة أشياء ليست جوهرا، ولا عرضا ، ولا
موجودة في غيرها ، وهي : خلق الشئ ، وبقاؤه ، وفناؤه ،
وإعادته . والاختلاف في هذا كثير70."
وإليك جزءا من رد يحيى على الجبائي ، وغيره من المتكلمين
:
"وليس يذهب عليك ، في ظني ، أن اسم العرض عند الفلاسفة
وقع على معنى رسموه71 بأنه "الموجود في
شئ ، لا كجزء منه" ، وليس يمكن أن يكون قوامه خلوا
مما هو فيه .
"والجوهر رسموه بأنه ما ليس هو البتة في موضوع
ما ."
"وظاهر أن هذين القولين متناقضان ، يوجب كذبُ أحدهم
صدقَ72 الآخر ضرورة"73.
فيتضح من هذا المثال تناقض الكلام والفلسفة . فالفلسفة
مبنية على قواعد منطقية ، بينما الكلام غير مبني عليها
.
* * *
وفي نفس "المسائل" بين المصري ويحيى بن عدي
، نجد حاشية للصفي بن العسّال ، مُختصِر الكتاب ، في غاية
الأهمية . وسبب الحاشية قول المصري : "وأما ما أطلقته
في الله (عز وجل) من أنه واحد في الحد والموضوع ، وغير
ذلك ، فلا يجوز إطلاق هذه الألفاظ على الله تعالى . فمن
أية لغة أخذتَها ؟"
|