الفصل العاشر
يحيى بن عدي ومقالته في التوحيد
في الفكر العربي
إذ قد وصلنا إلى نهاية بحثنا ، لا بد لنا من أن نُلقي
نظرة شاملة ، ولو عاجلة ، على صاحبنا ؛ فنتساءل : "هل
ترك يحيى بن عدي أثرا بعد وفاته ؟" . لا سيما وأنّا
لاحظنا أنه أحيط بشئ من الإهمال والنسيان في أيامنا هذه
!1
ولكي نجيب على هذا السؤال ، نقسمه إلى قسمين : الأول
يبحث عن أهمية فلسفة يحيى بن عدي في الفكر العربي ، والثاني
عن أهمية "المقالة في التوحيد" في الفكر العربي
. ولما كان بحثنا خاصا ، لا عامّا ، رأينا أن نعطي للمسألة
الثانية القسط الأكبر من درسنا .
أولا – أهمية فلسفة يحيى بن عدي
في الفكر العربي
1 – يحيى أستاذ جماعة من الأساتذة
إنّ ليحيى فضلا عظيما على الفلسفة العربية . فقد كوّن
مجموعة من التلامذة ، أصبحوا هم بدورهم أساتذة العرب ،
ثم أصبح تلامذتهم أساتذة ، شرقا وغربا . وهلمّ جرّاً2.
فقد أسّس إذاً يحيى مدرسة فكرية ، عُرفت ﺒ "مدرسة
بغداد الأرسطوطالية"3 ، استمرّت بعده
أجيالا . وإن لم يكن ليحيى بن عدي فضلٌ آخر سوى هذا ،
لكان استحقّ منّا أجمل ثناء وحمد !
فإنّ أبا زكريا ، بعد أن كان "أفضلَ تلامذة أبي
نصر" الفارابي ، حسب تعبير
|