١٢٢ معجزة القرآن

المعنى الثانى عبارة عن خوارق الكون و عجائب المخلوقات .

المعنى الثالث عبارة عن المعجزات الحسية . و هى " الآيات " المعجزات حصرا .

و يظهر المعنى المقصود من القرائن اللفظية و المعنوية القريبة و البعيدة . و القرآن كله شاهد عدل على أن " الآيات البينات " التى ينسبها القرآن لنفسه و لنبيه هى آيات خطابية لا معجزات حسية ، بسبب موقفه السلبى العام من كل معجزة ، و بسبب تصريحه القاطع أن المعجزات منعت عن محمد منعا مطلقا : " و ما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون " ( الاسراء 59 ) .

ففى سورة ( البقرة ) يأتى التعبير " آيات بينات " بالمعانى الثلاثة . فهو قد يعنى خوارق الطبيعة : " إن فى خلق السموات و الأرض ... لآيات لقوم يعقلون " ( 164 ) . و قد يعنى التعبير عند إسناده لموسى و عيسى معنى المعجزات : " و لقد جاءكم موسى بالبينات " ( 92 ) أى " المعجزات كالعصا و اليد و فلق البحر " ( الجلالان ) ، و هو مثل قوله : " سل بنى اسرائيل كم آتيناهم من آية بينة " ( 211 ) . كذلك بالنسبة إلى عيسى : " و آتينا عيسى ابن مريم البينات ، و أيدناه بروح قدس " ( 87 و 253 ) . لكن إذ ينسب " الآيات " إلى محمد ، فالقرآن يشير الى أنها آيات خطابية ، كما فى هذا الجدول : ( فى شرعة الطلاق ) " و لا تتخذوا آيات الله هزوا ، و اذكروا نعمة الله عليكم و ما أنزل عليكم من الكتاب و الحكمة يعظكم به " ( 231 ) ، " و قال الذين لا يعلمون ( المشركون ) : لولا يكلمنا الله – أو تأتينا آية ( معجزة ) ؟ - كذلك قال الذين من قبلهم مثل قولهم ، تشابهت قلوبهم : قد بينا الآيات لقوم يؤمنون ، إنا أرسلناك بالحق بشيرا و نذيرا " ( 118 – 119 ) : ففى التحدى و فى الجواب يظهر معنيان لكلمة " آيات " ، فهم يتحدونه بمعجزات ، فيجيب ببيان آيات الحق بشيرا و نذيرا . و رسالة محمد كلها تظهر فى قوله : " كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا ، و يعلمكم الكتاب و الحكمة ، و يعلمكم ما لم تكونوا تعلمون " ( 151 ) . فالآيات البينات عند محمد
تعليمية ، لا معجزات عملية حسية .

كذلك فى سورة ( آل عمران ) نجد المعانى الثلاثة لتعبير " الآيات " . انها خوارق الطبيعة : " إن فى خلق السماوات و الأرض ، و اختلاف الليل و النهار لآيات لأولى الألباب " ( 190 ) . إنها معجزات الأنبياء الأولين : " قال ( زكريا ) : رب اجعل لى آية ! – قال : آيتك

معجزة القرآن ١٢٣

ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا " ! ( 41 ) ، و الآية ، أو الآيات هى معجزات عيسى : " إنى قد جئتكم بآبة من ربكم أنى أخلق لكم من الطين كهيئة الطير ... " ( 49 ) . لكن بالنسبة إلى محمد فآياته خطابية : " منه ( القرآن ) آيات محكمات هن أم الكتاب ، و أخر متشابهات " ( 7 ) ، " قد بينا لكم الآيات " ( 118 ) ، " و كيف تكفرون و أنتم تتلى عليكم آيات الله و فيكم رسوله ... " ( 101 ) ، و رهبان عيسى " يتلون آيات الله آناء الليل و هم يسجدون " ( 113 ) . و حملته المتواصلة على الذين " كفروا بآيات الله " ( 4 ) : " من يكفر بآيات الله " ( 19 ) ، " يكفرون بآيات الله " ( 21 و 112 ) ، " تكفرون بآيات الله " ( 70 و 98 ) ، " لا يشترون بآيات الله ثمنا قليلا " ( 199 ) ، هى حملة على الكافرين بآيات خطابية ، لا بآيات المعجزات الحسية .

كذلك فى سورة ( الانعام ) نجد المعانى الثلاثة : فالآيات هى عجائب المخلوقات : " الحمد لله الذى خلق السماوات و الأرض ... و ما تأتيهم من آية من ربهم إلا كانوا عنها معرضين " ( 1 – 4 ) ، " إن الله فالق الحب و النوى ، يخرج الحى من الميت ... و هو الذى جعل لكم النجوم لتهتدوا بها ... و هو الذى أنزل من السماء ماء ... إن فى ذلكم لآيات لقوم يؤمنون " ( 95 – 99 ) .. و الآيات هى أيضا المعجزات التى يتحدون محمد بها : " هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة ، أو يأتى ربك ، أو يأتى بعض آيات ربك – يوم يأتى بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها " ( 158 ) ، فيعجز عنها . " و ان كان كبر عليك أعراضهم ، فإن استطعت أتن تبتغى نفقا فى الأرض أو سلما فى السماء ، فتأتيهم بآية " ! ( 35 ) بسبب " إنما الآيات عند الله " ( 109 ) . لكن بالنسبة إلى محمد فالآيات البينات هى خطابية : " كذلك نصرف الآيات " ( 105 ) ، فهو من الذين " يقصون عليكم آياتى " ( 130 ) ، فانظر " كيف نصرف الآيات " ( 46 و 65 ) . و يحمل على الذين " يخوضون فى آياتنا " ( 68 ) ، " يصدفون عن آياتنا " ( 157 ) ، " كذبوا بآياتنا " ( 39 ) ، " و الذين كذبوا بآياتنا يمسهم العذاب " ( 49 ) ، يتبعون " أهواء الذين كذبوا بآياتنا " ( 150 ) ، " عن آياته تستكبرون " ( 93 ) . لا معجزة عند محمد ، بل دعوة ، لذلك " إذا جاءتهم آية ( خطابية ) قالوا : لن نؤمن حتى نؤتى مثل ما أوتى رسل الله " ( 124 ) .

كذلك فى سورة ( الاعراف ) نجد المعانى الثلاثة . يذكر عجائب المخلوقات و يختم بقوله : " كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون " ( 54 – 58 ) ، و يذكر عناية الله بآدم و يقول :