١٣٠ معجزة القرآن

تحتاج إلى أخبار معتمدة : و ليست هناك آية قرآنية صريحة فى القضية ، و لا حديث واحد متواتر".

و يختم بقوله فى المعجزات المنسوبة الى النبى : " ان كتب الأحاديث و كتب السيرة قد استوعبت آلاف المعجزات ،و منها ما بلغ الى درجة التطرف الذى يفرض علينا الضحك ... و الأحاديث المعتمدة معدودة على الأصابع ، و كلها آحادية لا تقطع بخبر ... و كتاب السيرة جميعا عنوا عناية كبرى بأمر الخوارق ليؤكدوا أن للرسول آلافا ، بل عشرات الآلاف من المعجزات . و هذه المعجزات أم اعتقاجى ، لابد لتصديقها من خبر قطعى ، و ليست هناك معجزة واحدة يؤكدها خبر قطعى مما نسب إلى رسول الله " .

لكنه يستنتج : " و لكن الله عز و جل أراد أن يرفع من قدر الرسالة فيجعلها عقلية منطقية تخاطب العقل و المنطق . و أيدها بكتاب الله ليعيش معها الى ان يرث الله الأرض و من عليها ، كآية خالدة معجزة . و قد شق محمد لدعوته طريقه الى القلوب و العقول ، غير مؤيد بالخوارق التى لم تصلح من قبل وسيلة لإقناع ، لأن معه نهجا واضحا من كتاب الله ، ليس فيه تعقيد و لا التواء " . و سنرى هذا " النهج الواضح " فى النبوة و المعجزة .

5 – و طلع علينا الدكتور نظمى لوقا فى كتابه " محمد الرسالة و الرسزل " بنظرية جديدة ترد المعجزة كدليل على النبوة ، و تجعل دليل النبوة و الوحى فى " صدق النبى " و مطابقة النبوة للحقيقة . قال : " ما من نبى حمل الينا توكيلا موثقا بأنه ينطق بلسان الوحى ، و إنما كانت آيته صدق ما أتانا به " . و هذه شهادة أخرى : " و أما المعجزات فلا حجية لها إلا لمن شهدها شهود العيان . و بيننا و بين تلك أجيال و أجيال . فتبقى بعد هذه الآيات المغايرة ، الآية الكبرى التى لا يثبت بغيرها صدق ، و لا يغنى عن غيابها ألف دليل مغاير مهما بلغت درجته من الاعجاز . و هذه الآية الكبرى هى صدق الكلمة من حيث هى . فإن الحقيقة آية نفسها تحمل برهانها فى مضمونها ، فيطمئن اليها العقل و يبدو ما يباينها هزيلا واضح البطلان " ( ص 49 ) .

فهو يضع مقياسين لصحة النبوة ، المقياس الأول فى ذات الرسالة : " ليس للمعجزات حجية ، و الآية الكبرى هى أن صدق الرسالة متضمن فى ذات الرسالة " . و المقياس الثانى فى ذات الرسول ، " ان أول مقياس يقاس به صدق صاحب الرسالة هو مبلغ إيمانه بها "

معجزة القرآن ١٣١

( ص 157 ) . و هذان المقياسان نقض لضرورة المعجزة ، و لوجودها فى الدعوة و السيرة عند محمد ، و تجاهل مقصود لاعجاز القرآن كمعجزة . و سيأتى البحث فى هذه المغالطات .

6 – و فى كتاب المؤتمر الاسلامى : " حقائق الاسلام و أباطيل خصومه " للاستاذ عباس محمود العقاد ، من عام 1376 ه – 1957 م ، جاء فى مبحث " النبوة " قوله :

" نمت فى الاسلام فكرة النبوة كما نمت فيها الفكرة الإلهية ... 1 ) فليست الخوارق مما يغنى النبى فى دعوة المكابر المفتون . إنه ليزعمها اذن ضربا من السحر أو السكر ، و لو فتح له الأنبياء بابا فى السماء ... 2 ) و لقد جاءت الخوارق طائعة لنبى الاسلام ، و أنى لهم أن يصدقوها أو يفهموها على غير حقيقتها ، و لو أنه سكت عنها لحسبوها له معجزة من المعجزات لم يتحقق مثلها من قبل لأحد من المرسلين ( حادث كسوف الشمس ساعة دفن ابنه ابراهيم ... 3 ) و ما نحسب ان النبوة تعظم بكرامة قط أكرم لها من التوكيد بعد التوكيد فى القرآن الكريم بتمحيص هذه الرسالة السماوية لهداية الضمائر و العقول ، غير مشروطة بما غبر فى الأوهام من قيام النبوة كلها على دعوة الخوارق و الإنباء بالمغيبات ... 4 ) فلا يرى عجبا أن تكون هذه النبوة خاتم النبوات ، إذ كان الاصلاح بعدها منوطا بدعوات يستطيعها من لا يدعى خارقة تفوق طاقة الإنسان ، و لا يهول العقول بالكشف عن غيب من الغيوب لا يدريه الإنسان ... 5 ) و الواقع ان النبوة الاسلامية جاءت مصححة متممة لكل ما تقدمها من فكرة عن النبوة ، كما كانت عقيدة الاسلام الإلهية مصححة متممة لكل ما تقدمها من عقائد بنى الإنسان فى الإله " ( ص 58 – 61 ) .

إن تلك المبادىء عند الاستاذ الإمام تنكر مفضوح لضرورة المعجزة و نكران لوجودها فى الدعوة و السيرة عند محمد . و نستغرب قوله : " و لقد جاءت الخوارق طائعة لنبى الاسلام " . و هو يعلم ما قاله زميله الاستاذ عبد الله السمان : " و ليس هناك آية قرآنية صريحة فى القضية ، و لا حديث واحد متواتر " ، " و من المتأكد أنه ليس لهم سند من قرآن صريح أو حديث صحيح " . و حديثه عن النبوة و المعجزة تجاهل مقصود لاعجاز القرآن كمعجزة .

 7 – و فى كتاب المؤتمر الاسلامى " العقائد الاسلامية " للاستاذ العقاد ، من سنة 1383هــ – 1964 م ، جاء فى فصل " الرسل " :