١٣٢ معجزة القرآن

1 ) الأعمال الكبرى التى تمثل نجاح سيدنا محمد

العمل الأول : أنه قضى على الوثنية و أحل محلها الايمان بالله و اليوم الآخر .

العمل الثانى : أنه قضى على رذائل الجاهلية و نقائصها ، و أقام مقامها الفضائل و المكارم و الآداب .

العمل الثالث : أنه أقام الدين الحق الذى يصل بالإنسان إلى أقصى ما قدر له من كمال .

العمل الرابع : أنه أحدث ثورة كبرى غيرت الأوضاع و العقول و القلوب و نظام الحياة الذى درج عليه أهل الجاهلية .

العمل الخامس : أنه صلعم وحد الأمة العربية ، و أقام دولة كبرى تحت راية القرآن ...

" إن القيام بهذه الأعمال و النجاح فيها على هذا النحو لهو المعجزة الكبرى لحضرة رسول الله صلعم – فإذا كان عيسى له معجزة إحياء الموتى ، و موسى له معجزة العصا ، فإن هاتين المعجزتين فى جانب هذه الانتصارات ، و الى جانب هذه المعجزات لا تساوى شيئا " .

و نقول : لا يسعنا أن نسلم بهذا المنطق الذى يجعل النجاح مقياس الحقيقة و النبوة . فهل نجاح الهندوكية ، و البوذية ، أو الشيوعية الإلحادية ، مقياس لحقيقتها و دليل نبوتها ؟ ! و هل نجاح الاسكندر ذى القرنين ميزان لادعائه الألوهية ؟ و نرى أن السيد العقاد يدور فى حلقة مفرغة : الدعوة القرآنية منزلة – و هو المطلوب إثباته – لأنها نجحت - ، و كل الدعوات الدينية القائمة منذ آلاف السنين قد نجحت ، فهل هذا دليل على انها منزلة من الله ؟

2 ) دلائل صدقه

" و من دلائل الصدق على أن الرسول انما هو مرسل من عند الله ما يأتى :
أولا : انه كان زاهدا فى الدنيا ...
ثانيا : من دلائل نبوته أنه كان أميا ...
أما الناحية الثالثة فهى الصدق ، فلم يعلم عن الرسول صلعم أنه كذب قط قبل البعثة و لا بعدها " .

معجزة القرآن ١٣٣

و نقول ، هل الزهد فى الدنيا دليل على أن صاحبه مرسل من الله ؟ فما القول اذن بفقراء الهند ؟ هل كلهم رسل أنبياء ؟ ! و من تزوج السيدة خديجة ، ثرية مكة التى كانت تجارتها تعدل تجارة قريش كلها ، و تاجر بمالها خمسة عشر عاما قبل مبعثه ، هل كان من أهل الزهد ؟ و القرآن نفسه يأمر بلسان محمد : " يا أيها الناس كلوا مما فى الأرض حلالا طيبا ، و لا تتبعوا خطوات الشيطان ( بالمتناع و الزهد ) ، إنه لكم عدو مبين " ( البقرة 168 ) ، " يا أيها الناس كلوا من طيبات ما رزقناكم ، و اشكروا الله " ( البقرة 172 ) . و يختم كما بدأ : " اليوم أحل لكم الطيبات " ( المائدة 5 ) . فالترغيب بالطيبات ليس من الزهد . و فرض خمس الأنفال " لله و الرسول " ليس من الزهد ، و فرض الفىء كله ( ما استولوا عليه بدون حرب ) ليس من الزهد . قد يكون للمصلحة العامة لكن المصلحة العامة لا تنفى المصلحة الخاصة .

و هل ثبت من القرآن أن محمدا كان أميا ؟ سنرى هذا الموضوع لاحقا

أخيرا هل كل إنسان لا يكذب فى حياته يكون نبيا مرسلا ؟ و كيف نفسر قول الرسول ، فى الحديث الصحيح : " الحرب خدعة " ؟ قد نقول : إنها سياسة . و هل السياسة دليل النبوة ؟

3 ) آيات الرسل

" لم يرسل الله رسولا ليبلغ الناس الدين و يعلمهم الشريعة ، إلا و أيده بالآيات التى تقطع بأنه مرسل من عنده ، و أنه موصول بالملإ الأعلى يتلقى عنه ، و يأخذ تعاليمه منه . و هذه الآيات التى يؤيد الله بها رسله لابد و أن تكون فوق مقدور البشر و خارج نطاق طاقاتهم و علومهم و معارفهم ، كما يجب أن تكون مخالفة للسنن الخاصة بالمادة ، و خارقة للعادات المعروفة و القوانين الطبيعية المألوفة . و لذلك سمى العلماء هذه الآيات معجزات لأنها تعجز العقل عن تفسيرها ، كما تعجز القدرة الانسانية عن الاتيان بمثلها . وعرفوا المعجزة بأنها الأمر الخارق للعادة الذى يجريه الله على يدى نبى مرسل ، ليقيم به الدليل القاطع على صدق نبوته .

" و من ثم كانت المعجزة ضرورية و اظهارها واجبا ، ليتم بها المقصود من تبليغ الرسالة ، و تقام بها حجة الله على الناس . و هذه الآيات ممكنة فى ذاتها ، و العقل لا يمنعها ، و العلم لا ينفيها ، و الواقع يؤيدها .