١٩٠ معجزة القرآن

تخفى معالمها على أحد . فليس كل إنباء عن الله وحيا و تنزيلا ، و ليست كل " أنباء الغيب " نبوة صحيحة جديدة من الله . فالإعجاز فى النبوة هو معجزة النبوة .

و الرسول مرآة رسالته فى ذاته و فى سلوكه و فى دعوته . نواحى " البشرية " القائمة فى كل نبى أو رسول من الناس لا تقلل من صحة نبوته و رسالته . لكن الإعججاز فى الرسالة ، و فى طرق تبليغها ، و فى أسلوب الدعوة لها ، هو معجزة الرسالة .

ففى ثلاثة أجزاء من هذا الفصل نرى :

الإعجاز فى السيرة ، و هو معجزة القداسة .
الإعجاز فى النبوة ، و هو معجزة النبوة .
الإعجاز فى الرسالة ، و هو معجزة الرسالة .

  ١٩١

الجزء الأول

الإعجاز فى السيرة

توطئة

العبقرية و البشرية فى النبى العربى

الظاهرتان الكبيرتان فى القرآن ، لوصف النبى العربى ، هما العبقرية و " البشرية " . و هاتان الظهرتان تحددان مدى الإعجاز فى الشخصية .

فى كتابنا ( القرآن و الكتاب 2 : 1040 ) قررنا أن " محمدا ترك أعظم تراث يمكن أن يتركه عظيم : فقد أنشأ من لا شىء أمة و دينا و دولة تشغل قسما كبيرا من العالم الى اليوم و إلى ما شاء الله . إن محمدا هو باعث القومية العربية الأول ، و هو محرر العرب الأول ، و هو العامل الأول لوحدة العرب الكبرى ، و هو بانى الدولة الدينية العربية الأولى . فيحق للمسلمين أن يتلوا كل يوم ما نزل على النبى : " إن الله و ملائكته يصلون على النبى ، يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه و سلموا تسليما " .

ثم قررنا ميزات هذه العبقرية ، فقلنا : " كانت شخصية محمد بن عبد الله الهاشمى القرشى ، النبى العربى ، مجموعة عبقريات مكنته من تأسيس أمة و دين و دولة من لا شىء .