٢٢٠ معجزة القرآن

جاء فى ( السمط الثمين ، ص 39 ) عن عائشة أنهن كن فى بيت النبى حزبين : حزب عائشة ، و منه حفصة و سودة ، و حزب زينب بنت جحش و منه أم سلمة و سائر الأزواج . و كبرحزب زينب بانضمام فاطمة بنت النبى اليه ، مع على نفسه ، و انضمام المنافقين و على رأسهم زعيم يثرب عبد الله بن أبى بن سلول . و جرى " حديث الافك " يشنع على عائشة .

روت السيرة لابن هشام ( 3 : 312 ) عن عائشة : " و كان كبر ذلك عند عبد الله بن أبى بن سلول ، فى رجال من الخزرج ، مع الذى قال مسطح و حمنة بنت جحش . و ذلك أن أختها زينب بنت جحش كانت عند رسول الله صلعم . و لم تكن من نسائه امرأة تناصينى ( تساوينى ) فى المنزلة عند غيرها . فأما زينب فعصمها الله تعالى بدينها فلم تقل إلا خيرا ، و أما حمنة بنت جحش فأشاعت من ذلك ما أشاعت تضادنى لأختها . فشقيت بذلك " . و اعتزلت عند أبيها .

فتنة فى بيت النبى . فتنة بين محمد و أحب نسائه اليه . فتنة بين المسلمين . و كادت تقع الواقعة بين الأوس و الخزرج .

و كانت تلك الحادثة السبب البعيد لحرب أهلية فى الاسلام بين العلويين أهل البيت ، و بين سائر المسلمين ، قاتلت فيها عائشة عليا و هى على ظهر بعير فى صفين . و هذا أدى الى الانقسام فى الاسلام الى شيعة و سنة .

المأساة الثالثة : " حديث المغافير " ، و تحلة القسم

جاء فى سورة ( التحريم 2 ) : " قد فرض الله لكم تحلة ايمانكم "

قال عبد المتعال الصعيدى 1 : " نزلت هذه السورة فى ما كان من عائشة و حفصة حين شرب النبى صلعم عسلا عند زينب بنت جحش . فتواطأتا و قالتا له : إنا نشم منك رائحة المغافير . و ريحه كريهة منكرة . فلما سمع منها ذلك حرم العسل على نفسه . فنزلت هذه السورة لعتابه على تحريم العسل الذى أحل له ، ابتغاء مرضاة أزواجه . و ذكر انه شرع لهم أن يتحللوا من ايمانهم بالكفارة . ليتحلل من يمينه و يعود الى شرب العسل ، و تهديد نسائه


1 النظم الفنى فى القرآن ، ص 320 .
معجزة القرآن ٢٢١

بطلاقهن إن لم يتبن عن هذه الغيرة فيما بينهن . ثم أمر النبى صلعم بمجاهدة الكفار و المنافقين لئلا تشغله تلك الأمور من نسائه عنها " .

هكذا جاء " حديث المغافير " من عائشة و حفصة ، انتقاما لحديث الافك من جماعة زينب بنت جحش . ففى سورة ( النور ) نزلت براءة عائشة من " حديث الافك " ، و فى سورة ( التحريم ) نزلت خيانة عائشة و حفصة لسر النبى فى حديث المغافير . و يتحلل محمد من يمينه بتشريع تحلة اليمين بالكفارة .

المأساة الرابعة : شهر الهجر لنسائه ، أو شهر العسل فى قصة مارية

أهدى مقوقس مصر لمحمد جارية حسناء اسمها مارية القبطية . و كان لابد من شهر عسل معها ، عل الله يرزقه منها ولدا . أخرج الطبرانى عن ابى هريرة قال : " خلا رسول الله صلعم بمارية سريته فى بيت حفصة . فجاءت فوجدتها معه . فقالت : يا رسول الله ، فى بيتى ، دون بيوت نسائك . قال : فإنها حرام على أن أمسها ، يا حفصة ، و اكتمى هذا على . فخرجت حتى أتت عائشة فأخبرتها . فأنزل الله " تحلة الايمان " ليستحل هو سريته . لكن الفتنة نجمت فى بيته ، و تحولت الى مأساة ، بسبب اعتزاله نساءه شهرا . قال دروزة 1 : " و خلاصة الرأى الأقرب الى الصحة من غيره من أسباب نزول الآيات ، أن النبى صلعم كان يطيل المكث عند زوجته زينب و يشرب عسلا ، فتواطأت عائشة و حفصة على الكيد لها ، و اتفقتا على ان تقولا له : ان رائحته رائحة مغافير .. ففشا الحديث . فغضب النبى صلعم و حلف ان لا يقرب زوجاته شهرا و هجرهن ، حتى قيل إنه طلقهن . و هناك رواية تذكر أن النبى صلعم اجتمع بمارية فى بيت حفصة . فلما علمت استرضاها بيمين أن لا يقرب مارية ، و استكتمها الخبر . و لكنها أفشته لعائشة . و مهما يكن من أمر الروايات ، فالآيات تحتوى صورة حادث بيتى وقع بين النبى صلعم و بعض زوجاته . و أنه وقع بسبب الغيرة النسائية ، و أن اثنتين كانتا فيه متآمرتين . و ان هذا آلمه و حز فى نفسه حتى هم بتطليق نسائه ، ثم أوحى الله اليه بالآيات التى اكتفى فيها بالتنديد و الانذار " .

فالروايات تخلط بين حديث العسل ، و حديث مارية . لكن قصة مارية أصح الروايات لأن أكل العسل لا يقتضى يمينا و لا سرا مصونا ، و لا تنزيلا لتحلة اليمين . فشهر العسل مع


1 سيرة الرسول 1 : 85 .