٢٢٢ معجزة القرآن

مارية سبب شهر هجران لنسائه ، أو طلاق ، تحولت فيه الأزمة البيتية الى مأساة . و هذه ليست صورة مثالية للحياة الزوجية فى بيت النبى . و كان من معالمها تحليل القسم بالكفارة الشخصية . و متى كانت تحلة القسم بيد صاحبه ، فأية حرمة أو قدسية تبقى للقسم بين الناس ؟

المأساة الخامسة : التهديد بالطلاق لنسائه ، بسبب تصرفاتهن

اشتد التحزب و الفتنة فى بيت النبى ، حتى صارا مأساة عائلية . فلم يكن لمحمد من سيطرة على نسائه إلا بتهديدهن بالطلاق : " عسى ربه ، إن طلقهن ، ان يبدله أزواجا خيرا منكن ، مسلمات مؤمنات فاتنات تائبات عابدات سائحات ، ثيبات و أبكارا " ( التحريم 5 ) . هذا تعريض صريح " بأمهات المؤمنين " الاسوة الحسنة لنساء المسلمين .

هل كانت تقع فاحشة فى بيت النبى ؟ يقول : " يا نساء النبى من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين " ( الاحزاب 30 ) .

هل كان بعض نسائه تتوغل بالحديث مع الرجال ؟ يقول : " يا نساء النبى لستن كأحد من النساء ، إن اتقين فلا تخضعن بالقول ، فيطمع الذى فى قلبه مرض ، و قلن قولا معروفا " ( الاحزاب 32 ) .

و كانت نساء محمد كسائر بنات حواء يحببن التبرج أى " اظهار النساء محاسنهن للرجال " ( الجلالان ) . فقال : " وقرن فى بيوتكن و لا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى " ( الاحزاب 33 ) .

لهذه المشاكل كان يهددهن بالطلاق ليحل السلام و الفضيلة فى بيته . فتلك التصرفات كانت سبب مأساة متواصلة .

المأساة السادسة : هل الأعجاز الجنسى دليل النبوة ؟

يقول دروزة 1 أيضا : " قد ذكرت الروايات أن النبى صلعم كان يجمع فى عصمته حين نزول الآيات ( الاحزاب 50 – 52 ) تسع زوجات بعقد ، ست منهن قريشات ، و ثلاث غير قريشات . أما الاماء أو ملك اليمين فكان له منهن اثنتان .


1 سيرة الرسول 1 : 71 – 72 .
معجزة القرآن ٢٢٣

" و مهما يكن من أمر فآيات ( الاحزاب ) استهدفت : 1 ) استثناء النبى صلعم من التحديد الذى ورد فى سورة ( النساء 3 ) ، 2 ) تحريم زواج جديد عليه ، 3 ) تنظيم علاقاته الزوجية ، أو صلاته الجنسية بأزواجه .

" و النقطة الأخيرة مستلهمة من مضمون الآية ( 51 ) ، إذ تكاد توحى بأنها تتضمن تعليما للنبى صلعم بأن يتصل جنسيا فى وقت واحد بأربع من أزواجه ، و يغير فى هذا الاتصال ... بل تكاد تقول : " إن هذا القصد ظاهر فى مضمون الآية ظهورا قوبا " . و يأتى الحديث فيزيد على التفسير ، قال القاضى عياض فى ( الشفاء ) عن ميزة النبى فى قدرته الخارقة على الجماع الجنسى : " و قد روينا عن انس انه صللعم كان يدور على نسائه فى الساعة ، من الليل و النهار ، و هن احدى عشرة . و قال انس : كنا نتحدث أنه أعطى قوة ثلاثين رجلا – خرجه النسائى . و روى نحوه عن أبى رافع عن طاوس : قوة أربعين رجلا فى الجماع . و فى حديث أنس عنه عليه السلام : فضلت على النساء بأربع : السخاء ، و الشجاعة ، و كثرة الجماع ، و البطش " . و جاء فى السنن : أحب شىء الى من دنياكم العطور و النساء ، و جعلت قرة عينى فى الصلاة " .

فميزات محمد من شريعة الزواج القرآنية كانت مصدر مشاكل و مآس . و هكذا فإن القرآن و الحديث و السيرة تجمع كلها و تقطع بأن حياة محمد البيتية و العائلية و الزوجية لا تحمل براهين الأعجاز فى الشخصية النبوية ، بل دلائل جازمة على " بشرية " النبى فيها .

بحث ثالث

سيرة محمد النبوية

إن العصمة النبوية فى تلقى الوحى و التنزيل تقتضى العصمة فى البلاغ و التبليغ ، لكنها لا تقتضى العصمة فى السلوك حين التنزيل و حين التبليغ . هذا ما نراه فى حياة محمد قبل البعثة ، و فى حياته النبوية بعد البعثة .