٢٨٤  

خاتمة

" برحاء الوحى " ليست من الإعجاز فى النبوة

إن كيفية الوحى القرآنى التى أسموها بسبب مرض النبى الذى رافقها " برحاء الوحى " جعلت النبى العربى " بدعا من الرسل " .

فها تاريخ أنبياء الكتاب ، إننا لا نجد فيهم من أوصاف " برحاء الوحى " شيئا . نكتفى بذكر أقربهم عهدا اليه .

ان السيد المسيح يعلم الانجيل أيام السبت فى جوامعهم . و يدعو فى الساحات و البيوت ، على البحر و فى البر ، فى السهل و على الجبل . و لا نلحظ فى الانجيل ، و لا فى ما نقلوه فى " العهد الجديد " شيئا من حالات النبى العربى ، من إغماء و صرع و " برحاء الوحى " . لا نراه يخرج عن الفطرة إلا مرة واحدة ، فى حالة " التجلى " و هو يناجى الحق سبحانه على قمة جببل الشيخ الفاصل بين لبنان و دمشق : " تجلى أمامهم فأضاء وجهه كالشمس ، و صارت ثيابه بيضاء كالنور " ( متى 17 : 2 ) . هذا هو الأعجاز المطلق فى كيفيات النبوة و حالات الكشف الإلهى .

أجل أن " برحاء الوحى " كما وصفوها لنا ليست من الأعجاز فى النبوة ، و لا هى معجزة لمحمد كما يتوهمون و يوهمون .

  ٢٨٥

الجزء الثالث

الأعجاز فى الرسالة

توطئة

ما بين الرسول و الرسالة

" لا إكراه فى الدين "
( البقرة 256 )
" كتب عليكم القتال ، و هو كره لكم "
( البقرة 216 )

الرسول صورة رسالته . و الرسالة صورة رسولها . و سر الرسول و الرسالة بخواتيمهما أكثر من مقدماتهما .

إن سورة ( البقرة ) هى مفترق الطرق بين القرآن المكى و رسوله و القرآن المدنى و رسوله . و قد اجتمعتا و افترقا على مبدأين متعارضين ، فى سورة واحدة : فمن جهة " لا إكراه فى الدين " ( البقرة 256 ) ، و من جهة أخرى " كتب عليكم القتال ، و هو كره لكم " ( البقرة