وهذه هي الطريقة التي اعتمدتها لجنة تحقيق كتاب "الشفاء"
لابن سينا11.
يقول الدكتور صلاح الدين المنجد : "هذه الطريقة
قد تطلق الحرية للناشر ، ولكن لا يؤمن معها الزلل ، إلا
إذا كان الناشر متمكنا في معرفة مصنف الكتاب ، ولغته ،
وأسلوبه ، ومعرفة الكتاب نفسه"12.
وفي رأينا أن هذه الطريقة صالحة ، إذا لم يوجد لا "دستور"
المصنف ، ولا نسخة قديمة تفوق النسخ الأخرى في الجودة
. فيضطر حينئذ المحقق إلى اختيار النص اعتمادا على عدة
نسخ . وهذا أمر صعب ، يتطلب معرفة جيدة للمصنف وللكتاب
.
وخلاصة القول أن لكل حالة طريقة خاصة :
1- فالطريقة الأولى لا تصلح إلا إذا كان لدينا "دستور"
المصنف .
2- والطريقة الثانية لا تصلح إلا إذا كان لدينا مخطوط
ممتاز ، يفوق المخطوطات الأخرى في الجودة .
3- والطريقة الثالثة لا تصلح إلا إذا كانت المخطوطات كلها
متساوية في الجودة .
2 – موقف المحقق من لغة النسخ المخطوطة
عند هذه المرحلة نواجه مشكلة جديدة . إذا افترضنا أن
لدينا مخطوطة واحدة ، وكانت خاطئة ، أو أن بعض المخطوطات
التي بين أيدينا اتفقت على نفس الغلطة ، لا سيما إذا كانت
تلك الأغلاط لغوية ، فما العمل ؟ هل علينا اتباع المخطوطات
الخاطئة ، أم علينا تنقيحها ، وإن اتفقت على الخطأ ؟
أ – منهج التحقيق عند الشرقيين والمستشرقين
اختلف المحققون في حل هذه المشكلة . أما في الغرب ،
فتركوا عادة النص بعلاّته . وأما في الشرق ، فالعُرْف
جار على تنقيح المخطوطات .
إلا أن بعض الشرقيين قد تبعوا المستشرقين في هذا المنهج
. فقال مثلا المؤرخ كامل صالح نخله : "لم نحاول تنقيح
أصول الكتاب ، ولا تحسين الأسلوب ، وحتى الغلطات اللغوية
تركنا معظمها على حالها ، حتى لا تفقد النصوص التاريخية
روحها القديمة التي كتبت بها . [...] . فهذا هو الأسلوب
الأصلي للمخطوط ، لذلك لم نستبح تعديله"13.
ونتيجة هذا المنهج أن النصوص العربية المسيحية جاءت
مشوهة ، ينفر منها القارئ .
|