والدليل على ذلك أن نص الكندي يبتدئ فجأة (على ما
رواه يحيى بن عدي) بالجملة الآتية : "فأما القول
في الرد على النصارى ، وإبطال تثليثهم ، على أصل المنطق
والفلسفة ، وتمثّل [كذا] هذا القول من الاختصار ، فإن
ذلك موجود على النصارى وغيرهم ، ممن تجاوز19
التوحيد وقال بالتكثير ، ولمن يتبعهم ويعتقد مذهبهم"20.
وهذا الافتتاح المفاجئ يفترض لا محالة جزءا آخر قبله ،
أو أجزاء أخرى . والأرجح أن هذه الأجزاء كانت تعرض آراء
المِلَل الأخرى (غير مِلّة النصارى) في التوحيد ، على
ما جاء في عنوان الرسالة .
إلا أن الكندي لم يتعمق في الموضوع الذي عالجه ، ولم
يستقص معاني الواحد ، في رساته "في افتراق المِلَل
في التوحيد" . لأنه اكتفى بذكر ثلاثة معان ، تلك
المذكورة في كتاب "طوبيقا"21 ، وهي
الواحد بالعدد وبالنوع وبالجنس ، ولم يذكر المعاني الأخرى
.
ب – الواحد يُقال على ثلاثة وجوه
قال الكندي :
"أما قولهم "إن ثلاثةٌ واحدٌ وواحداً ثلاثةٌ"
، فهذا ظاهرُ الخطأ .
"وذلك أن ما نقول إنه هو هو واحد ، إنما نقول [إنه]
واحدٌ22 بثلاثة وجوه ، كما قيل في كتاب "طوبيقا"23
، وهو الخامس24.
1 – "إما أن يُقال هو هو واحد بالعدد ، كما يُقال
للواحد هو هو واحد" .
|