الفصل التاسع
مكانة "المقالة في التوحيد" في فكر يحيى بن
عدي
أولا – أهمية "المقالة في التوحيد"
في تطور فكر يحيى بن عدي
1 – مقالتنا وردّ يحيى على الكندي وعلى أبي عيسى الورّاق
لقد رأينا في الفصل السابق1 أن يحيى كرّر الآراء الأساسية
التي كان قد عرضها في مقالته في التوحيد . وذلك بعد نحو
22 سنة ، إذ أن "المقالة في التوحيد" مُنشَأة
في رجب 328ﻫ (= ابريل أو مايو 940 م) ، بينما "الردّ
على الكندي" في رمضان 350ﻫ (= أكتوبر أو نوفمبر 961 م)
، عندما كان يحيى قد بلغ 68 سنة من عمره !
كما أنه عاد إلى تحليل معاني الواحد الستّة ، في ردّه
على أبي عيسى الورّاق2. وذكر ، في نفس الرد ، الثلاثية
"جوّاد وحكيم وقادر" ، في عدة مواضع3. وسنبيّن
في بحث آخر ، إن شاء الله ، أن هذا الرد قد ألّفه بين
سنة 961 م و969 م .
ومجرد هذا التكرار لآرائه الأساسية ، بعد 22 سنة أو
أكثر ، يدلّنا على أهمية "المقالة في التوحيد"
، في نظر مؤلفها . فهي ، وإن كانت باكورة إنتاج يحيى الفلسفي4
، إلا أنها كالأساس الذي سيبني عليه يحيى ، فيما بعد ،
طريقته (système) الفلسفية .
|