"وتقول إنه ثلاثة من حيث هو جوّاد حكيم قادر
. ففيه معنى الجوّاد ، ومعنى الحكيم ، ومعنى القادر .
وكل واحد من هذه المعاني هو غير معنى صاحبَيه . والقول
الدال على ماهيته مؤلَف من هذه المعاني الثلاثة فيقال
جوهر واحد36 ، جوّاد حكيم قادر37"38.
وكذلك يتهم الكندي بأنه غفل أو تغافل عن ذكر وجه آخر
ينقسم عليه الواحد والكثير . "فإنه قد يكون الواحد
وحد في الموضوع ، وكثيرا في الحدود"39
؛ "وقد يكون الواحد واحدا في الحد ، كثيرا في الموضوع"40.
فبعد أن ذكر القسم الأول أضاف : "وبهذا الضرب تقول
النصارى إن البارئ (تبارك اسمه) واحد"41.
فواضح مما سبق أن يحيى لم يحاول أبدا إظهار موقف النصارى
في "المقالة في التوحيد" ؛ إذ هي مقالة عامة
صالحة للجميع ، بصرف النظر عن مشكلة التثليث . وإنما يعتمد
عليها ، في مباحثه التالية ، لا سيما في "الرد على
الكندي" ، لتبرير موقف النصارى .
4 – الخلاصة : المقالة في التوحيد مدخل إلى علم التثليث
وخلاصة القول أن "المقالة في التوحيد" بمثابة
مدخل إلى علم التثليث ، كما أن "إيساغوجي" فرفوريوس
(PORPHYRE) مدخل إلى علم المنطق .
قال الكندي ، في رسالته "في افتراق المِلَل في
التوحيد" ، مشيرا إلى الأسلوب المتّبع في رده على
النصارى :
"إنما قصدتُ لذلك (!) من "كتاب المدخل"42
، لأنه الذي يرتاض به الأحداث ، ويبتدئ به43
المتعلّمون ؛ ليقرب ذلك44 من فهم مَن له أدنى
نظر ، وأيسرُ مُعتَبَر . ولأن هذا الكتاب أيضا ، الذي
منه استعملنا التوبيخ لهم ، لا يكاد يخلو منه منازلُ
|