أكثرهم45"46.
فكما أن "إيساغوجي" فرفوريوس هو الأساس المشترك
بين مفكّر ومفكّر ، حتى إن الكندي اتخذه منطَلَقا للرد
على النصارى ؛ كذلك "المقالة في التوحيد" هي
القاعدة المشتركة بين كل موحّد وموحّد ؛ حتى تكون نقطة
انطلاق للحوار بين المؤمنين .
ثالثا – تطور فكر يحيى الفلسفي
في تفهّم معنى التثليث
قلنا إن "المقالة في التوحيد" هي مدخل إلى
علم التثليث . وفي الحقيقة ، أن الأجزاء الثلاثة الأولى
من المقالة (فصل 1-10) هي "المدخل" ، وهي التي
تمثّل كنه المقالة .
1 – ثلاثية الجود والحكمة والقدرة
أما الجزء الرابع والأخير ، فهو مجرد محاولة فلسفية
لشرح الثالوث . نعم ، إن أبا زكريا يحيى لم يذكر الثالوث
أبدا في مقالته . لكن القارئ المسيحي يفهم ، من خلال عرضه
للموضوع ، أن الجوّاد هو الآب ، وأن الذي يتّصف بصفة الحكمة
هو الابن ، والذي يتّصف بصفة القدرة هو روح القدس . وهذه
نظرية فلسفية لتقديم الثالوث ، ليس إلا .
وكثيرا ما قدّم المفكرون المسيحيون نظريات ، حاولوا
من خلالها توضيح معنى الثالوث . فنرى عبد المسيح الكندي
مثلا (نحو سنة 830 م) يقدم الله بصفته "جوهر ، حيّ
، عالم" ، ؛ وبولس الأنطاكي بأنه "شئ ، حيّ
، ناطق" ؛ وإيليا النصيبي بأنه "جوهر ، حيّ
، حكيم" أو "جوهر ، حيّ ، ناطق" (وكذلك
ابن المؤمّل) ؛ ويقول محيي الدين الإصفهاني إنه "كائن
، عالم ، حيّ"" ، وغيرها من الثلاثيات . فكلها
محاولات فلسفية . ولا يظن أحد من هؤلاء المفكرين أن هذه
الثلاثية التي يقدّمها هي الثالوث . وإنما يقدّمها للقارئ
(لا سيما للقارئ المسلم) ، ليقرّب الثالوث إلى مفهومه
.
|