|
الأرواح الشريرة |
ما هي الأرواح الشيطانية
وما أصلها وكيف يمكن ان نحمي أنفسنا منها؟
يخبر أحدهم ما جرى في الكنيسة في أحد
الأيام. كان هناك سيدة مريضة تصاب دوما بحالة صرع تسقطها أرضا، وقد عانت تلك السيدة
من ذاك الداء منذ صغرها حتى أثر على شكلها وصحتها مما جعلها ظهرها منحنٍ وخطواتها
غير متزنة. طلبت تلك السيدة من القسيس ان يصلي من اجل صحتها والإرهاق الدائم الذي
كانت تعاني منه. لكن بمجرد ان وضع القسيس يده عليها وبدأ يصلي باسم السيد المسيح،
وقعت السيدة على الأرض وبدأت تتكلم بصوت أجش وتقول: "لن اخرج منها مهما فعلت."
عندها اكتشف القسيس أن الأمر ليس مرضا عاديا بل ان هناك روحا شريرة ساكنة فيها من
صغرها… لكن القسيس استمر مجاهدا في الصلاة آمرا الروح الشريرة بسلطان وقوة السيد
المسيح ان تخرج منها… وبعدها أصبحت السيدة هادئة غير متشنجة او مرتعشة وبات شكلها
عاديا وبدت عن وجهها علامات الهدوء والفرح بدلا من التعب والتوتر.
ما هي
هذه الأرواح الشريرة؟
ان الأرواح الشريرة هي أرواح ملائكة لكن هذه الملائكة قد
عصت ربنا قبل خليقة الإنسان، ونقرأ في الكتاب المقدس في الرسالة الثانية للرسول
بطرس الأصحاح الثاني والآية 4: "لانه ان كان الله لم يشفق على ملائكة قد اخطأوا بل
في سلاسل الظلام طرحهم في جهنم وسلمهم محروسين للقضاء."
لكن الملائكة
التي تتكلم عنهم الآية هي محبوسة ومربوطة في سلاسل لكي يتم الحكم عليها، أما
الأرواح المذكورة في حادثة تلك السيدة فليست محبوسة بل مجتهدة في إلحاق الأذى
بالناس!!
ان ما يقصده الرسول بطرس عن كونهم في سلاسل هو أنه لهم حرية لكن ضمن
الحدود التي يسمح بها الله. فالله تعالى هو المتحكم فيهم وهذه الأرواح كائنات
حقيقية وليست خيالية ولها معرفة بالله والناس لكننا لا نستطيع ان نراها لأنها في
عالم الغيب أي العالم غير المرئي وتحب هذه الأرواح ان تسكن في أجسام البشر
والحيوانات كما تحارب الناس في أفكارهم وتؤثر عليهم لكي يقعوا في الخطية ويتبعوا
تعاليم خاطئة او يؤمنوا بمعتقدات خاطئة مقتنعين أنها الطريق السليم للوصول للجنة …
لكن في الحقيقة طريقهم آخرته الموت الأبدي.
كيف يمكن لهذه الأرواح ان
تمتلك هذه القدرة وكيف يسمح لها الله بذلك؟
من كمال عدل الله انه ترك للإنسان
مطلق الحرية بعد طرده من الجنة كما ترك للأرواح الشريرة الساقطة الحرية أيضا لكن
ضمن حدود. ونقرأ في الكتاب المقدس في قصة سيدنا أيوب أن الله سمح للشيطان أن يجرب
أيوب لكنه حدد له مجال التجربة… لكن الناس هم الذين يسمحون لهذه الأرواح الشريرة ان
تسيطر عليهم أو تتحكم فيهم وذلك باستماعهم إليها والى اغراءاتها… وبذلك يفتحون
الباب في التكلم والاتصال مع الأرواح الشريرة هذه… فتتصل الأرواح بنفس الإنسان
وتعيش فيها وتزيد يوما بعد يوم القوة الشريرة المتواجدة داخله… فكلما نعطي فرصة
للروح الشرير في الشركة معه والتحدث إليه عن احتياجاتنا الدنيوية عن طريق الفكر
يكبر الشر فينا من دون ان نشعر بذلك ويصبح جزءا منا يوما بعد يوم.
وما هو
الحل؟
الحل سهل جدًا لكنه مرتبط مباشرة بتصميمنا واختيارنا الشخصي. هناك قصة
حصلت مع السيد المسيح ومنها سنكتشف الحل ونقرأ تفاصيل هذه القصة في إنجيل لوقا
الأصحاح 4 والآيات من 33-35: "وكان في المجمع رجل به روح شيطان نجس فصرخ بصوت عظيم
قائلا آه ما لنا ولك يا يسوع الناصري! أتيت لتهلكنا. أنا أعرفك من أنت قدوس الله.
فانتهره يسوع قائلا اخرس واخرج منه فصرعه الشيطان في الوسط وخرج منه ولم يضره
شيئا." نلاحظ في هذه الآيات ان الرجل الذي به روح شريرة كان في المجمع أي انه
يمكننا ان نجد أناسا يدّعون التدين وهم مسكونون بعافريت وشياطين… فالكتاب المقدس
نفسه يحذرنا من ان الشيطان يبين نفسه كملاك نور محاولا بدهائه خداع الناس… لكن
السيد المسيح له كل المجد معروف من كل المخلوقات الروحية، أي الملائكة الذين سقطوا
والذين ما زالوا يخدمون الله، جميعهم يعرفون من هو المسيح لذلك نرى الروح الشرير
يقول للمسيح: "آه ما لنا ولك يا يسوع الناصري! أتيت لتهلكنا. أنا أعرفك من أنت قدوس
الله."
لكن ماذا في الأمر؟ أليست كل الخليقة تعرف يسوع؟
لو
كانت كل الخليقة تعرف حقيقة يسوع لما كان هناك أناس بهم أرواح شريرة. فالروح
الشريرة لم تتحمل رؤية السيد المسيح بل قالت له: "أنت قدوس الله" أي المقدَّس
والمعيَّن ملك من الله، ملك على كل الخليقة المنظورة وغير المنظورة كالأرواح
الشريرة… لكن إضافة الى ذلك فقد أعلن الروح الشرير شيئا هاما وهو معرفته ان يسوع
المسيح هو الذي سيعاقب الشر بالهلاك الأبدي أي انه المعين والممسوح من الله لحساب
كل المخلوقات لذلك قال له الروح الشرير: "ما لنا ولك يا يسوع الناصري"، فقد أراد
الروح ان يتركه يسوع من دون ان يلحق به العذاب والهلاك.
ان السيد المسيح
قد أعطاه الله كل سلطة في السماء وعلى الأرض لذا لم يستطع الروح الشرير ان يقاومه
بل خرج على الفور، لكن كيف استطاع القسيس ان يخرج الروح الذي كان يقول: "لن اخرج
منها"؟
لقد أعطى السيد المسيح تلاميذه سلطانا أن يخرجوا الأرواح الشريرة ويشفوا
كل مرض ونقرأ ذلك في إنجيل متى الأصحاح 10 والآية 1: "ثم دعا تلاميذه الاثني عشر
وأعطاهم سلطانا على أرواح نجسة حتى يخرجوها ويشفوا كل مرض وكل ضعف." وهكذا حصل قسيس
الكنيسة على نفس القوة.
لكن الذين أخذوا هذا السلطان هم التلاميذ وليس
القسيس!!
ابدًا!! إن هذا السلطان لم يعط للتلاميذ فقط بل لكل جماعة مؤمنين في
مكان معين، وهذا ما أعلنه السيد المسيح نفسه في إنجيل مرقس الأصحاح 16 والآية 17:
"وهذه الآيات تتبع المؤمنين. يخرجون الشياطين باسمي ويتكلمون بألسنة جديدة." فكل
كنيسة أو جماعة تؤمن بالمسيح تتسلم هذه القوة وهذا السلطان، فالله يعطي هذا السلطان
لبعض أفراد كنيسته والعضو الذي يتسلم هذا السلطان ليس مؤمنا اسميا بل انه مؤمن
حقيقي يتمتع بعلاقة يومية مع يسوع، يتكلم معه ويصلي إليه ويطلب
باسمه.
لكن هناك آخرين من السحرة والعرافين والمنجمين غير المؤمنين
بالمسيح يستطيعون ان يخرجوا شياطين، كيف ذلك؟؟
هذا غير ممكن فقد ذكرنا سابقا ان
الشيطان يظهر نفسه كملاك من نور أي انه يحاول بالغش والخداع أن يظهر صحة طريقه لكن
هذا ليس شفاء كاملا من الأرواح الشريرة لأننا نجد أولئك الناس الذين يلجأون للعرافة
والسحر يتعبون من جديد بعد فترة معينة لأن علاجهم مؤقت.
لكن كيف يستطيعون
إخراج الأرواح إن كان الشيطان يثبت ديانته بالغش؟
يمكننا ان نفهم ذلك لو عدنا
الى كيفية خلق الملائكة وطبيعة ترتيبهم. فالملائكة في طبيعة خلقهم كالجيش وعندما
سقط إبليس من محضر الله سقطت معه كل صفوف الملائكة التي تحت قيادته، ونقرأ ما يقوله
بولس الرسول في رسالة أفسس الأصحاح 6: "ان مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء
مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع أجناد الشر الروحية في السماويات
." فكما تكشف لنا هذه الآية ان للملائكة ترتيب "رؤساء وسلاطين وأجناد شر سماوية"
وهم يخضعون بعضهم لبعض في عمل الشر. وبما ان للعرافين والسحرة تعاملا مع بعض هؤلاء
الرياسات لذا يستطيعون ان يخرجوا الروح الشرير الذي هو أقل رتبة في جيش الشر، لكن
إخراج الروح الشر ليس عمل خير كما يبدو لنا.
ما دام الروح الشرير قد خرج
فلماذا لا يكون هذا العمل خيرا؟
إن الخير هو أن يعرف الإنسان المسيح ويؤمن به
لأنه بمعرفته للمسيح يسكن فيه روح الله القدوس ولن يتعرض فيما بعد لسكنى الأرواح
الشريرة فيه او التعامل معها. ونقرأ في الكتاب المقدس في إنجيل متى الأصحاح 12
والآيات من 43-45: "إذا خرج الروح النجس من الإنسان يجتاز في أماكن ليس فيها ماء
يطلب راحة ولا يجد. ثم يقول ارجع الى بيتي الذي خرجت منه. فيأتي ويجده فارغا مكنوسا
مزينا. ثم يذهب ويأخذ معه سبعة أرواح أخر أشر منه فتدخل وتسكن هناك. فتصير
أواخر ذلك الإنسان أشر من أوائله. هكذا يكون أيضا لهذا الجيل الشرير."
هل
تعني ان الروح الشرير تدخل مرة ثانية لنفس الشخص بعد الخروج منه؟
اجل فإنها مجرد
ترتيبات من إبليس لكي يبعد الناس عن طريق الحق في المسيح وهو الطريق الوحيد لرجوع
الإنسان لله. فبعد ان يخرج العراف الروح يصبح ذاك الشخص محررا لمدة مؤقتة وهذا
بترتيب مع الروح الأعلى منه سلطة في جيش الشر الروحي ويبقى هذا الشخص من غير وقاية
(أي روح الله ليس فيه)، ثم يعود الروح الشرير باحثا عمن يسكنه واول من يبحث عنه هو
ذاك الشخص الذي خرج منه فلو وجد ان روح الله لا يسكن ذلك الشخص يعود الروح الشرير
ومعه سبعة أرواح ثانية. فالعلاج من الأرواح الشريرة ليس إخراجها فقط بل يجب على
الشخص الذي خرجت منه ان يؤمن بالمسيح لكي يتمتع بحماية روح الله القدوس الذي يسكن
في المؤمنين بالمسيح.
لذلك إن كنت تعاني من أي مرض او ضغط روحي أو إن كان عندك
أي قريب يعاني مشكلة مع الأرواح الشريرة فالحل في المسيح منقذ العالم. يمكنك ان
ترفع هذه الصلاة وتحمي نفسك من كل أمور الشر التي تحدثنا عنها:
"يا رب أسألك
باسم المسيح أن تحميني من كل شر ومن كل شرير. سامحني يا رب على كل اعتقاد خاطئ آمنت
به وسامحني على كل علاقة كانت لي يوما مع السحر والشعوذة التي تفتح بابا لسيطرة
إبليس على حياتي. يا رب أنا عرفت أن فيك كل نفعي واعترف أنك أنت شافيني وأنت قوتي.
أسألك أنا التائب عن ذنوبي أن تقبلني باسم السيد المسيح آمين."
|
|
|