|
الخطية |
ما هي الخطية وما هو مصدرها وكيف
نعالجها؟
نسمع عبر أجهزة الإعلام أخبارا مؤلمة عن أوبئة وأمراض تنتشر في
بلاد عدة وليس من علاج لها. لماذا لا يتدخل الرب ويوقف تفشي هذه الأوبئة التي تودي
بحياة الكثيرين؟ أليس الله تعالى هو المتحكم في كل الدنيا؟
هذا الموضوع قديم جدا
ويعود في الأصل الى عصيان أبينا آدم لوصية ربنا في الجنة. وهذا العصيان كان سببا
لكل الأمراض والآلام والمتاعب التي يعاني منها كل أولاد آدم اليوم. ونقرأ أحداث هذه
القصة في الكتاب المقدس في سفر التكوين الأصحاح 3 والآيات 1-6: "وكانت الحيّة أحيل
جميع حيوانات البرية التي عملها الرب الإله. فقالت للمرأة أحقا قال الله لا تأكلا
من كل شجر الجنة. فقالت المرأة للحيّة من ثمر شجر الجنة نأكل، واما ثمر الشجرة التي
في وسط الجنة فقال الله لا تأكلا منه ولا تمسّاه لئلا تموتا. فقالت الحيّة للمرأة
لن تموتا بل الله عالم انه يوم تأكلان منه تنفتح أعينكما وتكونان كالله عارفين
الخير والشر. فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون وان الشجرة شهيّة
للنظر. فأخذت من ثمرها واكلت واعطت رجلها أيضا." نعرف من هذه الآيات ما هي الخطية.
فالخطية هي عصيان وعدم طاعة لكلام الله سواء كان هذا الكلام مكتوبا في كلمة الله أو
إن أدركه المرء في ضميره أو من خلال عدم الإيمان في ما يرشدنا الله إليه أو يعدنا
به. ويمكن أن تكون الخطية بالفكر أو بالكلام أو بالسلوك.
لكن الآيات لم
تذكر ذلك بل كل ما في الأمر أن أمنا حواء وأبونا آدم أكلا من تلك الشجرة. أهذه هي
الخطية؟ ليس في الأمر عدل!!
ليست الشجرة شجرة عادية لكن اسمها شجرة معرفة الخير
والشر أي التفكير في عصيان ربنا. فأمنا حواء أيضا وجدت أن الموضوع ليس عادلا وان من
حقهم أن يأكلوا من هذه الشجرة أي أن يفعلوا ما يشاءون وأن عقاب ربنا ليس أكيدا بل
كل ذلك تعسف من الله.
لماذا سمح الرب بوجود الشر أمام أمنا حواء؟
أراد الرب أن يمتحن أبينا آدم وأمنا حواء فالامتحان يبين موقفهما من الله عز
وجل أي إذا كانا فعلا يؤمنان بالله. ويمر في هذا الامتحان كل أولاد آدم أيضا لكي
يظهر أين هم من الله وهذا ما نسميه التجربة. فكان النهي عن الأكل من الشجرة هو
الامتحان الذي بان منه أن ما يشغل بالهما هو التفكير في نفوسهما وليس في الذي
خلقهما. وكان الشيطان هو واسطة الامتحان ونلاقي رمزه في القصة هي الحية لأنها أخبث
الحيوانات.
هذا ليس عدلا!! لم يكن الإنسان عارفا من هو الشيطان ولو عرف
لانتبه أبونا آدم منه جيدا ولما وقعت أمنا حواء في الخطية!!؟
هناك أناس كثيرون
يعرفون اليوم من هو الشيطان ورغم ذلك يعملون الخطية متعمدين أي انهم يستمعون
لإرشادات شره ومكره.
لكن لماذا رضي الله أن يجربهما إبليس مع أنه لم يكن
في حياتهما غير حب الخير والصلاح وعلاقتهما مع الله؟
هذا الامتحان ضروري لكل
إنسان وسببه أن الإنسان ضعيف، ولكي يظهر على حقيقته أمام نفسه كان لازما أن يمر في
التجربة. ومن خلال التجربة يتقوى إيمانه بالله الذي خلقه واعطاه كل ما يحتاجه في
حياته فالموضوع كان منتهى العدل من الله. صحيح أن الله خلق الإنسان صالحا لا يعرف
الشر لكنه خلقه أيضا كامل الحرية أي من حقه أن يختار ما يراه ووفق اختياره هذا
يتحدد أين سيعيش في الآخرة: أفي الجنة مع الله أو في نار جهنم.
لكن أبينا
آدم هو الذي أخطأ فلماذا نحمل نحن ذنبه؟ ماذا فعلنا لنعيش في العذاب والمرض
والألم؟
ورث أولاد آدم الخطية من أبيهم ونقرأ في الكتاب المقدس في رسالة الرسول
بولس لأهل رومية الأصحاح 5 والآية 12: "من اجل ذلك كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية
الى العالم وبالخطية الموت وهكذا اجتاز الموت الى جميع الناس إذ اخطأ
الجميع."
لماذا سمح الله أن يرث أولاد آدم الخطية ويسقطوا فيها جيلا بعد
جيل؟ لماذا لم يحررهم من عبوديتها؟!
لو كان أي إنسان في مكان آدم في الجنة لوقع
في الخطية نفسها ولعصى الرب لذلك اكرر هذه الآية: "وهكذا اجتاز الموت الى جميع
الناس إذ اخطأ الجميع". وتوضح الآية بصراحة أن كل الناس عملوا المعاصي والذنوب
وهكذا نجد أن الله عادل كل العدل.
لكن ما الذي جعل أمنا حواء تعمل تلك
الخطية وهي لا تعرف سوى الخير؟ ما الذي أراها الشر؟؟
الشر موجود قبل أن يُخلق
أبينا آدم والشر وجد في العالم عن طريق إبليس. بدأ الشر حين عصى إبليس ربنا وفكر أن
يصبح أعلى من الله الذي خلقه ومنذ ذلك الوقت أصبحت غاية إبليس أن يكون هو الإله
المعبود. وهذا ما نراه بكل وضوح عندما جرب إبليس السيد المسيح وطلب منه أن يسجد له
واعدا إياه أن يعطيه ممالك العالم لو سجد له. وفي الحقيقة هذا هو نفس الوهم الذي
يلجأ إليه إبليس مع كثير من الناس إذ يعدهم بغنى وملذات لكنها كلها فارغة في داخلها
وليس فيها من سعادة لأن السعادة الحقيقية هي في الحياة الأبدية مع الله. فبالرغم من
وجود الضيقات هنا على الأرض فنحن لنا رجاء بمجد ابدي في حياة للأبد في محضر الله.
لكل امرئ كامل الحرية أن يختار طريق الخطية والشيطان أو طريق الصلاح
والله.
هل تعني أن لنا حرية الاختيار وليس من عذر لنا بعد
ذلك؟؟
يعلمنا السيد المسيح في إنجيل يوحنا الأصحاح 15 والآية 22: "لو لم اكن قد
جئت وكلمتهم لم تكن لهم خطية. واما الآن فليس لهم عذر في خطيتهم." فمجيء المسيح
أعطانا الحل الذي به نحمي أنفسنا من عبودية الخطية وبذلك ليس لأي إنسان عذر بل له
مطلق الحرية أن يختار الطريق الذي يريده، النار أو الجنة.
هل تعني أنه
على الإنسان أن يعيش حسب الوصايا التي اعطاها الله في الشريعة لموسى، أن يحيا حياة
استقامة ولا يعمل السيئات؟؟
كانت الشريعة التي أعطاها الله لموسى مجرد بيان
لأنواع الخطية لكن حقيقة الخطية أكبر من ذلك. فلو عدنا الى ما عملته أمنا حواء نجد
أن الكتاب المقدس يقول: "فرأت المرأة أن الشجرة جيدة للأكل وأنها بهجة للعيون وان
الشجرة شهيّة للنظر. فأخذت من ثمرها واكلت واعطت رجلها أيضا." ومن هذه الآية نجد أن
للخطية مراحل، ففي الأول نرى الإغراء كما عملت أمنا حواء ثم فكرت في أن تأكل منها
وأخيرا عملت الخطية. هذا تماما ما يحصل مع كل منا: يرى الإغراء، يفكر فيه ويقرر أن
يعمل الخطية. لكن طاعة الوصايا ليست الوسيلة للخلاص من عبودية الخطية فلا يستطيع
الإنسان أن ينجي نفسه بأعماله.
ألا يجب على الإنسان أن يعمل الكثير من
الحسنات وان تفوق حسناته سيئاته لكي يدخل الجنة لأن الرب يحاسبنا على أعمالنا
الصالحة وأعمالنا السيئة؟؟
ليس الأمر حسابا بينك وبين الرب لأنه وفق ذاك الحساب
لن يدخل إنسان واحد الجنة مهما كان فالكتاب المقدس يقول في رسالة الرسول بولس لأهل
رومية الأصحاح 3 والآية 12: "الجميع زاغوا وفسدوا معا. ليس من يعمل صلاحا ليس ولا
واحد." لا يستطيع ولا واحد أن ينفذ الوصايا بحذافيرها بل أن كل الناس مشوا وراء
شهوات أنفسهم وعملوا كل شر، وحتى لو كان هناك من يحسبوا أن عندهم بعض الأعمال
الصالحة فهي في نظر ربنا شر لأن الصالح الوحيد هو المسيح الذي يقول عنه الكتاب
المقدس في الرسالة للعبرانيين الأصحاح 4 والآية 15: "بل مجرب في كل شيء مثلنا ولكن
بلا خطية."
أتعني أن المسيح هو الوحيد الطاهر الزكي الذي لم يُذنب
أبدا؟؟
أجل فالمسيح كان مثلا حيا لكل أولاد آدم وقد حررهم من عبودية الخطية
وأعطاهم الحل وهذا ما نقرأه في رسالة بولس الرسول لأهل رومية الأصحاح 8 والآيات من
1-6: "إذا لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب
الجسد بل حسب الروح لأن شريعة روح الحياة في المسيح يسوع قد اعتقني من
شريعة الخطية والموت، لأنه ما كانت الشريعة عاجزة عنه في ما كان ضعيفا بالجسد
فالله إذ أرسل مسيحه في شبه جسد الخطية ولاجل الخطية دان الخطية في الجسد.
لكي يتم حكم الشريعة فينا نحن السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح. فان
الذين هم حسب الجسد فبما للجسد يهتمون ولكن الذين حسب الروح فبما للروح لأن
اهتمام الجسد هو موت ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام." المسيح هو الحق ونجده يقول
عن شخصه: "وتعرفون الحق والحق يحرركم." أي أن كل واحد يعرف المسيح ويصبح له علاقة
شخصية بالمسيح يتحرر من عبودية الخطية. فهناك الكثيرون الذين يظنون أنفسهم صالحين
ومستحقين الجنة لأنهم ينفذون الشريعة لكن الحقيقة هي أن الصلاح الحقيقي هو في
المسيح فمجرد أن تعرف المسيح وتؤمن به يسكن روح الله داخلك ويبني فيك الصلاح
الحقيقي ليس من الظاهر بل من الداخل فتجد نفسك تحب أن تعمل الصلاح من دون
أوامر الشريعة. فمن داخلك ينبع اشتياق لعمل الخير لأن روح إله السماء ساكن فيك
وهكذا تستطيع أن تعمل أعمال الشريعة التي يعجز كل الناس عن القيام به لكنهم في
المسيح يعملونها عن حب.
إن كنت تريد أن يدخل المسيح حياتك ويحررك من عبودية
الخطية ويغفر خطاياك ويعطيك نصيبا في الجنة يمكنك الآن أن تصلي:
"يا سيدي المسيح
أشكرك على أنك تركت أمجاد السماء وجئت لأرضنا لكي تعطي حرية لكل واحد وتعلمنا كيف
نعيش على هذه الأرض المليئة بالشر ونتمثل بك لأن لا خطية فيك. يا رب أعطني القوة أن
أكون كمسيحك، دعني أرفض الخطية التي بسببها انفصلت عنك ولم يعد لي علاقة مقدسة معك.
يا رب ارحم ضعفي واقبل توبتي باسم المسيح. آمين."
|
|
|