|
الصليب |
ما هو الصليب في حياة المسيحيين وما هي ضرورة وجوده
لنجاتهم؟
نقرأ في قانون الإيمان المسيحي: "أنه من أجلنا نحن البشر ومن أجل
خلاصنا نزل من السماء وتجسد بالروح القدس من مريم العذراء وصار إنسانا وصلب عنا على
عهد بيلاطس البنطي وتألم وقبر وقام أيضا من الأموات في اليوم الثالث وصعد إلى
السماء...."
يقول الكثيرون أن المسيح لم يصلب بل أن أحدهم صلب عنه وأن الله
رفعه إلى السماء، فما حقيقة الأمر؟
موضوع الصليب هو الحقيقة التي تقوم عليها كل
المسيحية. فمن غير الصليب لم يكن من لزوم لنزول السيد المسيح وتجسده من مريم
العذراء فالهدف من تجسد كلمة الله من الروح القدس هو الصليب.
لكن لماذا
الصليب؟
هذا هو السؤال الذي يجب أن يعرف كل إنسان جوابه. لماذا أتى المسيح وصلب؟
إن المسيح هو خطة الله لنجاة كل أولاد آدم الذين سقطوا في خطية أبيهم وورثوا عنه كل
صفات الخطية في جسدهم ويقول الكتاب المقدس عن كل البشر في رسالة رومية الأصحاح 3
والآية 23: "لأن الجميع قد أخطأوا وهم عاجزون عن بلوغ ما يمجد الله." وهذا يعني انه
ما من أحد يستطيع أن يوفي كل بنود شريعة الله، ويقول النبي أشعياء: "كلنا كغنم
ضللنا، ملنا كل واحد إلى طريقه والرب وضع عليه إثم جميعنا."
وما معنى
هذا الكلام؟
المقصود من هذه الآيات أن كل بني آدم خطأوون وليس واحد منهم قادرا
أن يعمل أي صلاح. ولأن الله رحيم أوجد طريقة ليرجع بها كل أولاد آدم عن الطريق التي
سلكوها وهي طريق جهنم. ففي مفترق الطرق أو في الزمن الذي حدده الله، أظهر الله
محبته العظيمة من خلال خطة عجيبة هي خطة الفداء. يستلزم الفداء تقديم أضحية، ويجب
أن تكون هذه الأضحية مقبولة عند الله. فكان يسوع المسيح هو الأضحية الوحيدة
المقبولة والتي بها افتدانا الله من الموت الذي ينتظرنا.
لكن لماذا يسوع
المسيح بالذات هو الأضحية المقبولة لدى الله؟
ليس المسيح شخصا عاديا بل يتنبأ
عنه دانيال قائلا إن المسيح هو ابن الإنسان الذي نزل من السماء أي انه المسيا
المنقذ الذي انتظره كل البشر. فالمسيح شخص له جسد البشر الذي أتخذه من العذراء
مريم، وله الجانب السماوي أي انه مؤيد بروح الله القدوس لأنه كلمة الله المتجسد أي
عقل الله الناطق الذي جاء إلى الأرض ليعطينا مثلا نعيش به وننتصر بواسطته على
الخطية وكل آثارها التي تتركها فينا من أمراض في أجسادنا وأتعاب وضلال وبعد عن الله
القدوس، الله الذي خلقنا لكي يتلذذ بالعيشة معنا. ونقرأ في إنجيل يوحنا الأصحاح 3
والآيات من 13-16: "وليس أحد صعد إلى السماء الا الذي نزل من السماء ابن الإنسان
الذي هو في السماء. وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي أن يرفع ابن الإنسان
لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية. لأنه هكذا احب الله العالم
حتى بذل مسيحه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية." هذه
الآيات التي قالها السيد المسيح عن نفسه تذكرنا بالنبوة التي قيلت عنه في أيام موسى
كليم الله.
ما هي هذه النبوة؟
كان في أيام موسى أناس عصوا الرب فسلط
عليهم ثعابين سامة، وكل من يلدغه الثعبان يتألم ويموت. لكن الشعب من شدة الضيقة
سألوا موسى أنه يدعي للرب لكي يعفو عنهم وفعلا صلى موسى لله وأعطاه الله تعالى
الحل. كان الحل أن يصنع موسى حية من النحاس وكل من يلدغه الثعبان وينظر إلى الحية
النحاسية ينجو من الموت الذي يستحقه بسبب خطيته. وطلب الله من موسى أن يضع هذه
الحية على عمود عال كالصليب، فكانت هذه هي النبوة الأولى عن الصليب.
لكن
ما هو المعنى الموجود في الحية النحاسية والمقصود به صليب المسيح؟
أهم معنى هو
أن كل واحد عمل خطية أيام موسى ثم نظر ناحية الحية النحاسية كان ينجو من الموت
المؤقت يعني موت الجسد، لكن كل واحد اليوم ينظر إلى صليب المسيح ويؤمن أن
المسيح جاء إلى هذا العالم لكي ينزع عنه عقوبة الخطية المفروضة عليه ويوجه
قلبه وفكره لصليب المسيح ينتقل من كل ضلال إلى نور الحق ويصبح له المصالحة مرة
ثانية مع الله بعد أن انفصاله عنه مدة كبيرة. فعلى أساس صليب المسيح ينجو كل خاطئ
من الموت الأبدي ويضمن دخول الجنة.
لكن لماذا لم يغفر الرب لآدم من دون
هذه المسألة المعقدة؟ أليس غفور رحيم وهو صانع كل الأشياء وقادر على كل
شيء؟
يقول السيد المسيح عن كلامه: "السماء والأرض تزولان ولكن كلامي لا يزول."
وفي العهد القديم حذر الله أبينا آدم وأمنا حواء من أن يأكلوا من شجرة الخير والشر
التي تمثل الخطية وقال لهم: "إن يوم تأكلا منها موتا تموتا." ولأن كلمة ربنا لا
يمكن أن تتغير، كان من اللازم أن يوفق الله تعالى بين عدله الذي يعاقب الخاطئ
بالموت ورحمته التي تعطي للإنسان حياة. وبما أن الرب كامل الصلاح والقداسة ويكره
الخطية لكنه يحب الخطاة ويحب أن ينقذهم، أرسل مسيحه ليموت عنهم على
الصليب.
ألم يكن من الممكن أن يتوب كل واحد عن خطاياه ويغفر له الرب من
دون أن يصلب المسيح؟
حتى هذا الغفران لا يمكن أن يكفر عن الذنوب السالفة لأن
الكتاب المقدس يقول: "أجرة الخطية هي موت" وهكذا فإن كل خطية نرتكبها تسبب انفصالنا
عن الله، إنما عن طريق صليب المسيح يقبلنا الله ويسامحنا عن كل ما فعلناه ونبدأ
صفحة جديدة ونكون خليقة جديدة من حقها أن تخاطب الرب بعد بعدها عنه.
لكن
لماذا المسيح بالذات؟ ألم يكن من الممكن أن يكفر كل واحد عن نفسه بذبح عظيم كخروف
أو ثور؟
إن كل دم الخراف والثيران لا يوفي عدل الله ولا حتى دم أي إنسان يكفر عن
إنسان آخر لأن كل أولاد آدم خطاة ودمهم تسري فيه الخطية لكن على الرغم من هذا فقد
احبهم الله وأرسل لهم المسيح، مسيح الله الذي هو كلمة الله المتجسد على شكل بشر لكي
يمثل كل إنسان خاطئ. وبما أن المسيح زكي ومن غير خطية كان هو الذبح العظيم
الذي على حسابه كان لنا دخول إلى السماء وسكن روح الله القدوس فينا وأعطانا أن نشع
نوره على كل الناس ونعرفهم طريق الحق وحقيقة الصليب.
وما هي حقيقة
الصليب؟
الصليب هو الجسر الذي به كان لأولاد آدم عبور من النار لجنة الفردوس،
والمسيح وصليبه هو الوسيط الوحيد المقبول عند الله. ويمكن لكل منا أن يتحقق من هذه
الحقيقة في ضميره لأن الضمير يعرفنا أننا خطاة وليس من رجاء فينا ويعطينا اقتناعا
كاملا أنه لا يمكن أن نتأكد من دخولنا الجنة. فقد حكم علينا بالدينونة وليس من توبة
أو خروف يمحها سوى صليب المسيح هو الذي يعطينا أساس محو كل خطية أو دينونة علينا
وبذلك نبدأ الحياة الجديدة في المسيح يسوع منقذ العالم. ويقول بولس الرسول في
رسالته الأولى لأهل كورنثوس الأصحاح 2 والآية 2: "لأني لم أعزم أن اعرف شيئا بينكم
الا يسوع المسيح وإياه مصلوبا." ورغم ذلك هناك الكثيرون الذين يحسبون صليب المسيح
بدعة أو جهالة وهو نفس الفكر الذي كان عند الناس أيام المسيح، فالبعض يرون انه ضعف
أو لعنة أو يحتقرون الذين يؤمنون به لذلك يقول بولس الرسول: " فان كلمة الصليب عند
الخاسرين جهالة واما عندنا نحن الفائزين بالجنة فهي قوة الله."
فالمسيح هو الذبح
العظيم الذي به وبصليبه افتدى الله العالم، فيوحنا المعمدان قال عندما رأى السيد
المسيح: "هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم". لذلك دعنا لا نؤجل قرارنا بقبول
لعمل الصليب وضمان الجنة. اليوم الله يدعوك بصوته أن تقبل عمل المسيح على الصليب في
حياتك ويمكنك أن تصلي قائلا:
"يا رب أشكرك على السيد المسيح وصليبه. أشكرك لأنك
أعطيتني أنا الخاطئ أمام صلاحك وقداستك أن أضمن الجنة عن طريق صليب المسيح. أشكرك
على دمه الطاهر الذي سفك من اجلي رغم عدم استحقاقي. أعاهدك يا رب من اليوم أن أتوجك
ملكا على حياتي قدني بروحك القدوس، اعمل في حياتي عجائب ومعجزات. لك كل مجد في اسم
المسيح. آمين."
|
|
|